للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربي بحيث يجد فيها مؤرخو العالم بعد ألف سنة صورة حقيقية لما كان يجري في هذه الأقطار من جدل يدل على الحياة، ونضال يثبت الشخصية. . . وكانت حجة الزيات الأخرى أن الرسالة تناولت بالنقد كل كتابها الأماثل، وأن الدكتور زكي مبارك نفسه كان أحد مغاوير هذا النقد، فلم يكد يسلم من قلمه أحد ممن لهم في تحرير الرسالة الجهاد المشكور. لكن النقد الذي كان الدكتور يشب ناره لم يكن نقداً يمس الدين ويمس العقائد، كهذا النقد الذي وجهه إليه أخيراً أحد الكتاب الأفاضل الغير. والذي كان سبباً في تنكر الدكتور للرسالة ولصاحب الرسالة

ويعد. . . فحسبنا خروجاً على موضوع هذه القضية التي تسبب في إثارتها الدكتور زكي مبارك بكتابيه العظيمين اللذين لم يؤلف مثلهما كثيراً لا في مصر، ولا في الشرق العربي ألا وهما:

١ - في التصوف الإسلامي

٢ - النثر الفني

ولعلي لا أثير سخط أحد بوصف هذين الكتابين بالعظمة، وبالرغم مما يحملانه من أوجه النقص التي أشار إليها غير واحد من الكتاب والتي وصفتها لأخي الدكتور زكي مبارك أول ما لقيته بالقاهرة في العهد الأخير بأنها - أي أوجه النقص هذه (بقع!) كبيرة كان يحسن بالأستاذ أن يتحاشاها حتى لا تقلل من قيمة كتابيه الجليلين. . . وكان هذا قبل عامين على ما أذكر. على أنه ليس هنا - أو ليس الآن - موضع التحدث عن آيات الخلود في هذين الكتابين. . . لأننا نكتب هذا الكلام بمناسبة ذلك الكتاب المفاجئ الذي وصل إلى مصر من العراق الشقيق، والذي ألفه الشاعر الفاضل معروف الرصافي، وسماه: (رسائل التعليقات) (مطبعة المعارف ببغداد سنة ١٩٤٤) وجعل ثلثيه في نقد كتابي الدكتور زكي مبارك في التصوف الإسلامي والنثر الفني. . . والعجيب أن الدكتور زكي لم يطلع بعد على الكتاب الذي ألف في نقده، ولو لم أكن مشغولاً بقراءته ومناقشة ما فيه لدفعت إلى صديقي ليسمعنا رأيه فيما رماه به شاعر العراق من تهم أشهد بين يدي الله أنه برئ منها، وإن خانه التعبير فكتب ما يشتم منه هذا الذي أخذه عليه ناقدوه

وقبل أن نعرض آراء الأستاذ الرصافي نعلن أننا نقدس حرية الفكر ما لم ترم إلى شر، وما

<<  <  ج:
ص:  >  >>