من فروض الشكر تقدير مجهود النقاد الرشيق الأستاذ (دريني خشبة) والشاعر المفضال الأستاذ (محمد عبد الغني حسن) على نبله وقصده، أما الأستاذان (سيد قطب وحبيب الزحلاوي) فمن حق القارئ أن يوجه إليهما عتباً لطيفاً على هذا التجني لا يحسن أن يبدر من مثليهما!
(٢)
لم يقتصر الأستاذ الجليل العقاد على عبقرياته الرفيعة الأربع فراح يجلو للعالم من حيوات أبطال الإسلام وساداته وعالماته صحائف وضاءة تتجلى بين سطورها ذكريات طيبة حبيبة؛ فثمة (الصديقة بنت الصديق) وثم (عمرو بن العاص) وسيصدر له، إن لم يكن صدر أخيراً ولم يردنا بعد، الكتاب الشائق (عبقرية خالد بن الوليد)، كما التفت ذهن العقاد الشاعر إلى شعر العرب الفني وتراثهم فانبرى يبسط لنا من هيولاه ما يسر ويبهر عن مذهبي الشاعرين الغزليين العظيمين (عمر بن أبي ربيعة) و (جميل بثينه) ومسلكيهما فتكشفت لهما - بفضله - مدرستان عتيدتا الصبغة عما ذخر الباحث وعدة الأديب
أما مجموعة العقاد الأخيرة (عرائس وشياطين) التي انتخب فيها نتفاً وطرفاً من مذخور الأدب ما بين عربية وشرقية وغربية والتي يترجمها في مقدمته: (مجموعة وحي العرائس ذوات الشياطين أو من وحي الشياطين ذوي العرائس تلقيناها من هؤلاء وهؤلاء وجمعناها هدية للقراء) فأقرب وصف لها - عندنا - يزاوج بين وضعها وحقيقتها أن نقول إنها حديقة فيحاء ذات أفنان مزهوة ملونة في خمائل شهدية الجني عطرية الشذى منغومة الصدى تتخطر فيها عرائس (هنريك هيني) و (شارل ماكي) و (توماس هاردي) معتنقات مع شياطين (ابن المعتز) و (ابن سهل) و (الشريف الرضي)، وغير أولئك وهؤلاء من الأرواح المرحة المجنحة التي أباحها العقاد ورضى لها أن تتهامس وتتلاقى وتتخالس في حديقته الناضرة المريعة (عرائس وشياطين)
(٣)
وهاهو الزمن يسعف ويفي فنقرأ للزيات الحكيم الشاعر، قطعة عتيدة عن المعري الحكيم الشاعر! قطعة رائعة تزخر بالمعاني الخوالد، وتفيض بالألفاظ البارعة، في بيان مشرق