للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفضائل. والمكارم. إننا وقد أخذتنا الفتن والمحن، وألقت علينا الحوادث أعباء باهظة لا نستطيع أن نثبت ونجد إلا بعدد من الأخلاق وأسلحة من الفضائل. ويخشى أن نفتن عن أنفسنا فنضل طريقنا، ونفقد سجايانا ثم لا يردنا إليها الجهاد الطويل، والجد الدائم والندم الضائع وقديماً قال شاعرنا العربي:

ما تنسج الأيدي يبيد وإنما ... يبقى لنا ما تنسج الأخلاق

وحديثاً قال شاعرنا شوقي:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فليحسن سادتنا وقادتنا القيام على أخلاق هذه الأمة، وليحسن الشعراء والكتاب تربيتها وتغذيتها وليجنبونا كل فكرة سقيمة، وكل معنى عليل، ليجنبونا الألفاظ الرخوة والمعاني الدنيئة، فلا يهبطوا بشبابنا إلى الدرك الأسفل حيث تموت الهمم، وتخمد العزائم، وليسموا بهم إلى المعالي التي تطمح إليها النفوس الأبية القوية الطماحة

أمامنا تجاربنا وتجارب الأمم، فلنعتبر ونتعظ، فالسعيد من وعظته الحوادث وأخذ من الأيام العبر، واهتدى بهدى التاريخ، واستمع لنصائح الزمان. إن الزمان يسرع، والحوادث تتوالى، والأعمار تمضي، والتاريخ يسجل والأجيال تقرأ، فليسرع بنا التفكير والتدبير ولتحكم الأقوال والأفعال، لنساير الزمان بكفتيه من الأهبة، ونلقى التاريخ بملئه من العمل الصالح، والمجد الباقي

وبعد فالعرب اليوم، على علاتهم، فيهم من العقول والأخلاق وبينهم من الروابط والعواطف، ولهم من التاريخ والمكانة ما يؤلف أمة قوية رشيدة عزيزة كريمة فاضلة. وليس لمسير القافلة إلا أن يبين الطريق وتصلصل الأجراس

وليست دعوة العرب إلا إلى الكرامة والعزة وإلى الخير والحق والوئام والسلام. وليست نيتهم إلا الخير للناس جميعاً. لا يريدون إلا أن يتخذوا مكانهم بين الأمم، ويؤدوا نصيبهم في الحضارة الإنسانية، ويوفوا دينهم للتاريخ. ولن يكونوا إلا كما كانوا من قبل أنصار حق ودعاة أخوة وبناة مدينة وأئمة يهدون إلى الحق وبه يعدلون. ليست دعوة العرب عدواناً على أحد ولا عداء لأحد، وإنما هي دعوة الأمة الكريمة العزيزة العادلة التي تعرف ما يجب عليها لنفسها وللناس، وتحرص على أن تحمل ما هي أهل له من الأعباء، وتشيد ما هي

<<  <  ج:
ص:  >  >>