في العالم الثاني. وقد رأى أرسطو أن سبب هذه البلبلة في أفكار الفلاسفة هو عدم وجود قواعد ثابتة تضبط أفكارهم وكلامهم فاخترع المنطق لهذا الغرض. وقد عرض لمسألة الله وخلق العالم فنفي الزمنية بينهما، بل جعلهما مقترنين، اقتران المقدمة بالنتيجة، فلم يكن الله أولاً ثم كان العالم. وبهذا كان العالم قديماً عند آرسطو. . . والله عنده هو الكمال المطلق والعلة الصورية الغائية التي تحرك هذا العالم بجذبه إليه. وهذا هو الترقي، اقتراب العالم من الكمال المطلق. . . وما دام العالم قديماً فهو لا أول له. . . وكذلك لا نهاية له. . . واضطرب أرسطو في تصور ذات الله، هل له وجود مستقل مشخص، أم ليس له هذا الوجود المشخص للمستقل؟ فقول آرسطو مرة إن الله يحيا في سعادة أبدية، وأنه هو الوجود المطلق يدل على التشخيص والوجود المستقل؛ ولكن تعبيره عنه مرة أخرى بأنه هو الصورة المجردة يعني أنه من مادة لا وجود لها. . . وعلى هذا فلا وجود له إلا هذا الوجود المعنوي. وليس بعد هذا اضطراب في فلسفة المعلم الأول الإلهية. أما فلسفته الطبيعية فسليمة لا غبار عليها، إذ تتبع هذه الفلسفة نشوء العالم من الهيولي إلى الصورة، وإن فضله دروين في هذا الباب
وبعد، فكيف بعد هذا العرض السريع لهذه الناحية من نواحي الفلسفة اليونانية يزعم الأستاذ الرصافي أن وحدة الوجود هي شئ إسلامي بحت لم يعرفه إلا محمد، ثم فلاسفة المتصوفة المسلمين بعد محمد بقرن أو قرنين من الزمان؟!
ثم ماذا أصاب الفلاسفة اليونانيين من الهلكة والتخبط، من لدن طاليس أول فلاسفتهم إلى آرسطو أعظم مفكريهم، بسبب القول باندماج الله في العالم أو العالم في الله. . . إلا من هدى الله!
أما الرد على الأراجيف التي تنشأ عن هذا الإفك، فليس هذا أوانه