نفى تطرق اللحن والعجمة إلى الأمويين في الوقت الذي ينسب فيه الجاهليين إلى اللحن في صلب كتابه، ولا يدري أنه بجعله الشعر الجاهلي والأموي يجري على نحو رجراج كالذي يدعى ويتوهم يصطدم بالسبب الذي من أجله زعم أن نشأة علم النحو قديمة في الجاهلية، ألا هو جرى القرآن (على نمط واحد في أوضاعه النحوية لا يختلف في ذلك إلا باختلاف رواته من القبائل المختلفة) إذ كيف يمكن أن يجري القرآن على نحو واحد ولا يجري الشعر؟ وإذا كان القرآن لا يختلف نحوه إلا باختلاف القبائل فلم لا يكون الشعر أيضاً كذلك؟ إن الرجل يعترف من حيث لا يدري باطراد النحو في لغة كل قبيلة ما دام اختلافه من اختلاف القبائل، ويعترف بأن اللغة في جملتها تجري على نحو واحد ما دامت لا تختلف إلا في المواطن اليسيرة التي تختلف فيها الرواية في القرآن حسب اختلاف القبائل عند هذا الرجل، وإذن فلا معنى لترجرج نحو اللغة في العصر الأموي وانعقاده في العصر العباسي إلا أن هذا الرجل أراد أن يأتي بجديد يخالف به علماء العربية فوقع في خلف بعد خلف في النقطة الواحدة وفي العبارة الواحدة، سنة الله في الباطل وأهله
على أنه لا حد فيما يظهر لباطل هذا الرجل، ولا نهاية لتخبطه؛ فقد تعرض للقرآن مرة أخرى حين ترجم لابن فارس وحاول نقد آرائه، لكنه ترقى في هذه المرة فاقترح أن يفرد للقرآن نحو خاص! إي والله! واقرأ له إن شئت من هامش صفحة ٤٢ من الجزء الثاني:(والقرآن يجب أن يفرد له نحو خاص، وكذلك الأدب الجاهلي والأموي، ولغات العالم كله تعترف بما يسمى (النحو التاريخي) ونحن في حاجة إلى ذلك النحو لتوجيه بعض ما يبدو شاذاً من تعابير القرآن)! أفكان علماء العربية ينتظرون صاحب النثر الفني حتى يجئ بذلك النحو الخاص لتوجيه (بعض ما يبدو شاذاً من تعابير القرآن)؟ وفيم كانت علوم العربية كلها إن لم تكن لفهم القرآن وتبيان ما يبدو لهذا الرجل شذوذاً في القرآن؟ وشذوذاً عما ذا؟ عن نحو لغة قريش وهو معترف بأن القرآن يجري على نمط واحد في أوضاعه النحوية إلا إذا كان الراوي من قبيلة غير قريش؟ أم عن نحو لغات القبائل الأخرى وهو يعترف أن لغة القرآن إنما هي لغة قريش؟ فما الحاجة إلى نحو جديد إذا كان القرآن يجري - وكان الأدب الجاهلي والأموي يجري - إما على نحو لغة قريش أو على نحو لغة قبيلة أخرى في المواطن القليلة التي تختلف فيها القبائل عن لغة قريش؟ أمن أجل وجود نحو تاريخي