للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعرف كيف يعبث الزمان بأهل الفضل من بنيه.

ونشأ المترجم فقيراً كما قدمنا، وعاش في قلة فإن أصاب شيئاً بدده بالإسراف، وكان في أول أمره يرتدي الثياب الإفرنجية المعلومة، فلما ظهر بعد الاختفاء لبس الجبة والقفطان واعتم بعمامة خضراء إشارة إلى الشرف، وكان شهي الحديث حلو الفكاهة، إذا أوجز ود المحدث أنه لم يوجز، لقيته مرة في آخر إقاماته بمصر، فرأيت رجلاً في ذكاء إياس، وفصاحة سحبان، وقبح الجاحظ. أما شعره فأقل من نثره، ونثره أقل من لسانه، ولسانه الغاية القصوى في عصرنا هذا، وقد انتخب أخوه عبد الفتاح أفندي جملة صالحة من مقالاته جمعها في كتاب سماه (سلافة النديم) فارجع إليه إن شئت.

ونحن ذاكرون من شعره ما يحتمله المقام، فمن ذلك مرثيته في الخديو محمد توفيق باشا وقد أشار إليها في كتاب أرسل به من يافا في ١٦ جمادى الثانية سنة ١٣٠٩ يقول فيه (غمني وكدرني موت الحضرة الخديوية لأمور: (أولاً) فلعفوه عني وإحسانه إليّ، (ثانياً) لسابقة معروفة معي وتوجهاته السابقة، (ثالثاً) لصغر سنة، (رابعاً) لصغر سن أنجاله، (خامساً) لصغر سنة حرمه وما تقاسيه من حزنها عليه لما كان بينهما من شدة الألفة والمحبة (سادساً) لأنه كان برزخاً بين مصر وبين نكبات إنكلترة وغيرها والله تعلى يجري الأمور على السداد، وسأبعث بمرثية رنانة لحضرة ولدي مصطفى بك ماهر رئيس ترجمة ديوان الحربية ليطبعها وينشرها على حدتها) انتهى ما نقلته من خطه، ولم أقف إلا على ثلاثة أبيات منها ذكرها المترجم بالأستاذ وهي:

ما للكواكب لا ترى في المرصد ... والكون أصبح في لباس أسود

عم الكسوف الكل أم فقد الضيا ... أم كلنا يرنو بمقلة أرمد

وتاريخها

فملائك الجنات قالت أرخوا ... توفيق في عز النعيم السرمدي

١٣٠٩

ومن مختار شعره قوله من قصيدة لم نعثر منها إلا على هذا القدر

سيوف الثنا تصدا ومقولي الغمد ... ومن سار في نصري تكلفه الحمد

ومنها

<<  <  ج:
ص:  >  >>