للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

انتهى ما نقلته من خطه.

عودته إلى القاهرة

ولما عاد إلى مصر استوطن القاهرة، وأنشأ مجلة الأستاذ في شهر صفر سنة ١٣١٠، فبرزت موشحة ببديع مقالاته وغرر أزجاله وموشحاته. وبدت الوحشة في أثناء ذلك بين الخديو والإنكليز، وكان ما كان من عزله صنيعتهم مصطفى فهمي باشا كبير الوزراء ومعاكستهم فيما يريدون. فقام المترجم يستنهض الهمم ويحض على موازرة الخديو ونبذ طاعة سواه، وكتب في ذلك المقالات الطويلة بالأستاذ حتى أحفظ الإنكليز وخشوا من اتساع الخرق لمكانته السابقة من النفوس، وسعى حساده بما سعوا ولفقوا ما لفقوا، فأوقفوا مجلته في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة وأعادوه إلى يافا منفياً بعد أن أعطوه أربعمائة دينار، وأجروا عليه خمسة وعشرين كل شهر، واشترطوا أن لا يكتب بشأن مصر كلمة، ولم ينفعه الخديو لقصر يده.

نفيه إلى يافا

فلما استقر المترجم بيافا لم يسلم من السعاية به لدى السلطان، فأمر بإبعاده فعاد إلى الإسكندرية متحيراً، ولقد لفظته البلاد لفظ النواة، فسعى له الغازي احمد مختار باشا وساعده حتى قبله السلطان المعظم عبد الحميد بدار السلطنة، واستخدمه في ديوان المعارف ووظف له خمسة وأربعين ديناراً مجيدياً في الشهر، فأمضى بها بقية أيامه شريداً عن وطنه بعيداً عن أهله وخلانه حتى اشتدت عليه علة السل، فلقي حمامه في الرابع من شهر جمادى الأولى سنة ١٣١٤

وفاته

ودفن بمقبرة يحيى أفندي في بشكطاش، وضاعت مؤلفاته ودواوينه ولم يظهر منها إلا جزء من (كان ويكون) كان يطبعه ذيلاً للأستاذ، وكتاب آخر نسبوه إليه اسمه (المسامير) محشو بالهجو القبيح في الشيخ أبي الهدى الصيادي نزيل دار السلطنة، فمضى وكأنه لم يكن رحمه الله رحمة واسعة. ومن تألم بعين الاتعاظ في تقلب الأحوال بالمترجم، وما ذاقه من حلو الزمان ومره، وقاساه مدة الاختفاء ثم النفي حتى مات غريباً طريداً، حق له العجب

<<  <  ج:
ص:  >  >>