(ويقول بعض الباحثين غير هؤلاء إن الصبيان في المعاهد المشتركة يقلقون أمام البنات ويفقدون كرامتهم في نظر أنفسهم
(ولا محل للشك في اشتمال هذه الأقوال على نصيب من الصدق والرجاحة، ولكنها لن تصمد للاختبار إلا إذا نظرنا إلى تعليم الجنسين معاً كأنه ميدان للتنافس بينهما على قصب السبق في الملكة والكفاءة، وهي نظرة وبيلة إن كان هذا هو غرض التعليم عند الأساتذة والتلاميذ. وما لم نوفق إلى أساتذة يرون في التعليم المشترك رأياً أفضل من اعتقادهم أنه سبيل إلى التدرب على التنافس أو التنازع المقبل بين الجنسين في المجتمع، فكل محاولة للتعليم المشترك فاشلة إذن لا محالة، ولن يرى خصومه من النتائج المحتومة إلا دليلاً على صوابهم بما أصابه من إخفاق)
ثم يستطرد أدلر فيقول:(وما أحوجنا إلى خيال شاعر لتصوير الحالة كلها في صورتها الصحيحة. فلنقنع من ثم بالإشارة إلى المواضع البارزة منها، ومنها أن الفتاة الناشئة تتصرف فعلاً تصرف من يشعر بالضعة، ويصدق عليها تماماً ما قلناه آنفاً عن الرغبة في التعويض عند ابتلاء الإنسان بذلك الشعور. وإنما الفارق هنا أن شعور الضعة مفروض على الفتاة بحكم بيئتها، وأنها تساق إلى هذا الاتجاه سوقاً حثيثاً يدعو الباحثين ذوي النظر الثاقب أحياناً إلى تصديق هذه الضعة فيها، وليس لهذا الوهم من نتيجة إلا النتيجة التي يندفع إليها الجنسان حين يتعجلان خطط التزاحم والتنافس التي تشغل كلا منهما بغير ما يعينه وما يصلح له. . .)
هذه تخريجات أدلر وتأويلاته فيما عسى أن يصيب التعليم المشترك من عوارض النجاح أو الفشل قبل أن يوضع هذا التعليم موضع التجربة في نطاق واسع كنطاق المدارس الروسية
فقرار المشرفين على تعليم الجنسين في روسيا مفيد في استدراك هذه التأويلات والتخريجات قبل أن توغل في طريقها إلى تلك النتائج المزعومة
إذ لا يمكن أن يقال إن فصل الجنسين في المدارس الروسية ناشئ من شعور الضعة المفروض على الفتاة أو البنت الصغيرة، لأن النساء الروسيات من سن الأربعين فنازلاً قد نشأن على عقيدة التساوي بين الجنسين ولم تفرض عليهن البيئة عقيدة غيرها منذ فتحن