يكدنُ يحلن الَظل وهماً وغصنه ... تهافت مفزوع عميق التوهم
تشاكي من التعذيب فرع وطائر ... وعشب فكان الروض إيحاء مأتم
وأوقف نعش الريح لاَ كفُّ لاَحد ... ولا خطو بَكَّاءٍ كثير الترحم
تَعَّرى عن الأستار، فهو مكَّفنٌ ... بضوء على الأغصان حيران مُحجم
شواظ ولا نار، ونار ولا لظى ... ورؤيا لهيب في خيالي وفي دمي
وموقدُ عبَّادين مات لهيبهُ ... وشبت أغانيه سعيراً بأعظمي
وكنت أرى والنار لم تبد سجدة ... مجوسية قامت على كل مجثم
وركباً من التهيد تخفي وجوهه ... وتنظر من وجه الأثيم الملثم
وحائرة من عالم الزهر أطرقت ... حداداً على عطر الصباح الململم
مقيدة، ملهوفة، ذات آهة ... مقيدة تبدو كطيف مجسم
تمد يدها للغدير، وقلبه ... إلى عودها يجري بكوب محطم
أظمآي تنادي ظامئاً؟ من رآى الأسى ... يُغيثُ الأسى في الخاطر المتألم؟!
لقد بُحَّ صوت الجو برحاً ولهفة ... كما بَحَّ سر الغيث صوت المنجم
وهاجرةُ يشوي بها الظل مثلما ... يقلب في الأشواق قلب المتيم
لها وهوهات في الربى خلت أنها ... فحيح أفاع من زوايا جهنم
رميت بها حران أحكي حكاية ... عن الصيف لم أنبس ولم أتكلم
ولكني أروي عن الوحي كيفما ... روي لي بأطياف الخيال المهمهم
لنفسي أحكيها، ومن هول سحرها ... طلاسم سمعُ الغافلين المَختَّم. . .
رأيت جحيماً لم تُباركه فارس ... بعباد نار من بنيها مزمزم
ولم يرن طواف إلى قباسته ... بقلب من التسبيح شاد مرنم
ولا حدثت عنه الخرافات أهلها ... ولا خط عنه الوهم حرفاً بمرقم
له وهجُ يصلي الوجوه بحره ... ويفهق كاليحموم في مسرب الدم
وألسنة بيض لَهُنَّ رطانة ... بمثل لغاها كاهن لم يتمتم
كأن عفاريت الظهيرة طنبوا ... خياماً على هذا البساط المضرم
تنادوا بألفاظ صداها وساوس ... سمعت معانيها بآذان أعجم. . .