المماثلة بين الموطنين، وخفى عليهم الفرق الواضح بين الموضعين، وهو أن المعطوف في الآية قد عطف على المضمر المجرور الذي من شرط جواز العطف عليه عند النحويين من أهل البصرة. تكرير الجار فيه، كقولك: مررت بك وبزيد. قال أبو القاسم المرتضى:
بيني وبين عواذلي ... في الحب أطراف الرماح
أنا خارجي في الهوى ... لا حكم إلا للملاح
وقد جوز بعضهم إعادة (بين) بين اسمين ظاهرين، ومنهم السيد أحمد شهاب الدين الخفاجي، ولكنه مذهب ضعيف يناقض ما ورد في الفرقان العظيم من الآيات البينات في عدم إعادة (بين) مع الاسمين الظاهرين. قال ابن بري: إعادة (بين) هنا جائزة على جهة التأكيد، وهو كثير في الكلام العرب، كقول الأعشى:
بين الأشج وبين قيس باذخ ... بخ لوالده وللمولود
وقال عدي بن زيد: بين النهار وبين الليل قد فصلا. وقال ذو الرمة
بين النهار وبين الليل منعقد ... على جوانبه الأوساط والهدُب
وقد علق (الخفاجي) على هذا في كتابه (شرح درة الغواص في أوهام الخواص) ص٩٤ قائلاً: فمن هنا يعلم أن إعادة (بين) لا تفسد نظماً ولا معنى كما توهمه المصنف - أي (الحريري) -
وجاء بحث مفصل عن (بين) في كتاب (كشف الطرة عن الغرة) للسيد محمود شهاب الدين الالوسي ص١٣٦ ومن قوله: (ومن أوهام أنهم يوسطون (بين) بين الاسمين الظاهرين المتعاطفين فيقولون: (المال بين زيد وبين عمرو).
والصواب:(بين زيد وعمرو) بترك التوسط والتكرير، لأن (بين) تقتضي الاشتراك فلا تدخل إلا على مثنى أو مجموع، كقولك:(المال بين الأخوين، والدار بين الأخوة).
هذا ما أردنا بيانه، والمرجو أن نقع على الصواب الذي يراه أساتذة اللغة الكرام