ومذهبه بكل موبقة، حتى أن السلطان أبا كاليجار ما كان يطيق سماع شئ عنه لشدة مقته له، مع أنه لم يعرفه معرفة شخصية، ولما ضاق السلطان ذرعاً بما كان يسمعه على المؤيد أمر بإخراجه من شيراز في رمضان سنة ٤٢٩، وأمهل المؤيد عدة أيام ليخرج فيها من المدينة، على أن يظل في داره لا ينتقل منها ولا يقابل فيها أحداً، فكبر ذلك عند شيعته وأثاروا فتنة شعواء في المدينة بين السنة والشيعة، فاضطر الوزير إلى أن يسمح للمؤيد بعقد مجالسه، وأن يفتح بابه لزائريه، كما هدد علماء أهل السنة بالقتل والتشريد إن هم أثاروا مرة أخرى مسألة الخلافات المذهبية؛ فركن الجميع إلى الخضوع على كره وبقيت حزازات النفوس كما هي
أما المؤيد فقد عمد إلى الدهاء والمكر حتى استطاع أن يقابل السلطان أبا كاليجار، بل استطاع بقوة حجته وفصاحة منطقه أن يكسب عطفه وأن يجوز إعجابه ورضاه، حتى أمره السلطان بأن يحضر المجلس السلطاني متى شاء كما سمح له بمناظرة مخالفي مذهبه، وكانت هذه المناظرات إما كتابة يطلع عليها السلطان بنفسه أو كانت شفاهاً على مسمع من السلطان، والمؤيد قوي الحجة بليغ في مناظراته مجادل له خطره فكان يخرج من مناظراته منتصرا دائماً مما أبهر السلطان وازداد به إعجاباً حتى قال له يوماً:(إني أسلمت نفسي وديني إليك وإنني راض بجملة ما أنت عليه) وهكذا اعتنق السلطان أبو كاليجار البويهي مذهب الفاطميين ودخل دعوتهم على يد المؤيد، ولكنه اعتنق هذا المذهب سراً فلم يجرؤ على الخطبة باسم الخليفة الفاطمي، ولم يستطع أن يعلن بين الناس تحوله عن مذهبه واعتناقه مذهب التشيع، إنما كان دخوله في الدعوة الفاطمية أمراً أخفاه إلا عن أستاذه المؤيد الذي خصص للسلطان مساء كل خميس لتلقينه أصول المذهب وجرت هذه الدروس بأن تبدأ بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم؛ ثم بباب من كتاب (دعائم الإسلام) للقاضي أبي حنيفة النعمان بن حيون المغربي، ثم يناقشه السلطان في بعض ما أشكل عليه من أمر المذهب، ثم يختم المؤيد دروسه بالحمد والدعاء للخليفة الفاطمي، ثم للسلطان أبي كاليجار البويهي
على أن أمر هذه المجالس الليلية سرعان ما عرفه الناس، وانتشر خبرها بين جمهور أهل السنة ولكنهم لم يستطيعوا أن يحركوا ساكناً، وإن كان بعض المقربين إلى السلطان نصحوه