للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهنا نرى مقدار ما وصلت إليه الخلافة العباسية من الضعف حتى لم يبق للخليفة العباسي إلا الخطبة باسمه على المنابر، أما السلطة الحقيقية فكانت في أيدي البويهيين والوزراء إذ لم يستطع الخليفة العباسي القائم بأمر الله أن يفعل شيئاً عندما بلغه قضية مسجد الأهواز إلى أن يرسل رسولاً من قبله إلى أبي كاليجار ومعه بعض الهدايا والخلع نظير السماح للرسول في القبض على المؤيد، فاشتد بذلك ساعد أعداء المؤيد وأشاعوا في البلاد أن الخليفة أهدر دمه وانتهزوا فرصة وجود رسول الخليفة في شيراز وأقاموا مظاهرات صاخبة في أيام ركوب السلطان يلهجون بمدح السلطان الذي نقم على المؤيد ويرمون المؤيد ومذهبه بكل نقيصة حتى أحرج السلطان نفسه ولم يدر ماذا يصنع بعد فرط حبه وإعجابه بالمؤيد، وأخيراً أمر المؤيد أن لا يخرج من داره

أما رسول الخليفة؛ فكان يخشى المؤيد ويتجنب التعرض لذكره خوفاً من الشيعة، وخاصة من الديلم الذين دخلوا الدعوة الفاطمية، فلم يستطيع إلا أن يكتب للمؤيد يحذره من الاندفاع في عصيانه وخروجه عن الستر إلى الجهر، وأخذ يحبب إليه ترك المذهب الفاطمي والدخول في سلك الجماعة ويمنيه الأماني الطيبة من مراكز سامية في الدولة وأموال تغدق عليه؛ فكان رد المؤيد على ذلك بأنه لن يترك ما هو عليه، وأنه سيمضي في دعوته جهراً ولو أدى ذلك لموته لاعتقاده أنه على الحق وأن غيره على الباطل، فلم يسع رسول الخليفة إلا الرجوع إلى بغداد، أما السلطان فخرج إلى الصيد وبقى المؤيد بين أعداء ألداء فخشي على نفسه بغتة من بغتاتهم فرأى أن يخرج لزيارة شيعته ولكنه خشي أن يغتال في الطريق ولا سيما بعد شاع في الناس أن الخليفة أهدر دمه ولذلك خرج خفية، وكان في طريقه يلتمس الطرق الموحشة ولا يطرق الأماكن الآهلة، ومع ذلك كان يسمع من حين لآخر أن السلطان فعل به كيت وكيت، أو أنه قتل وقطع إرباً إرباً، وأن بغلته مزقت إلى غير ذلك من هذه الأقاويل التي كان يروجها الناس عنه وما بالك بمن يسمع بنفسه عن نفسه مثل هذه الأقاويل!

وانتهى به الطواف إلى الأهواز مرة أخرى وهناك قابل أنصاره فدهش الناس من وجوده بينهم، وعلم السلطان بوجوده في الأهواز، فأقسم لينتقمن منه لمخالفته أمره بالبقاء في داره، ولأن جماعة الندماء أدخلوا في روع السلطان أن المؤيد فر إلى الأهواز لينظم ثورة ليقلع

<<  <  ج:
ص:  >  >>