على أن العرب ليس لهم أن يشكوا خلو أدبهم من القصص بعد الحرب الحاضرة، فقد خاضوا غمراتها واشتركوا في ملاحمها، ولا مشاحة في أن هذا الصراع العالمي يخلق فيهم روح (القصة)، إذ كانت الحرب السالفة مادة لا يستهان بها في القصص الغربي
ولقد استطاع كتاب قلائل من المحدثين أن يخلقوا القصة (المصرية)، ولكنه بقي علينا أن نكتب القصة (العربية)، وهذا ما نحاول العمل في سبيله الآن
ولقد كان الأدب العربي فيما بعد الحرب الماضية إقليمياً أو محلياً إلى حد بعيد، فضعفت الصلة بين الأدباء المصريين والسوريين والعراقيين وغيرهم، فالكاتب المصري قل أن يعقد صلة أدبية مع كاتب آخر في سوريا أو العراق مثلاً، والصحف المصرية لا تنشر في الغالب سوى مقالات الكتاب المصريين أو مقالات الكتاب الغربيين المترجمة، ولذا لا نحسب قارئ الصحف العادي يعرف أحداً من كبار الكتاب العرب خارج مصر، ونحن المصريين لا نخلي أنفسنا من تبعة هذا القصور، ولا نحاول دفع التهمة إلا بإزالة أسبابها
وهنا يؤدي بنا الكلام إلى التعريج على (الفكرة الإسلامية) و (الفكرة العربية) وأيهما أولى بالتفضيل. ونحن هنا في مصر نمزج الفكرتين ولا نجد فرقاً بينهما. أما في البلاد العربية الأخرى فيأخذون على المصريين تمسكهم بهذا المزج. ويرون في ذلك ضرباً من التعصب الديني. ولا نحسب الأمر على هذا التصوير يصيب الحقيقة المجردة. ذلك لأن الفكرة (الإسلامية) أعم من الفكرة (العربية)، فكان من الطبيعي أن تطوي أولاهما أخرهما وتحتويها، ولقد سفه الإسلام النعرة العنصرية والجنسية
وهنا نقول أيضاً إن الشقة بعدت بين الكتاب المصريين ورصفائهم العرب بسبب النزعتين (الفرعونية) و (العربية) ثم (الشرقية) و (الإسلامية)، وقد ذهب أحد الزعماء المصريين إلى لبنان مصطافاً قبل بضعة عشر عاماً وأقيم له حفل خطب فيه زعيم لبناني معروف فقال (نريد أن تكونوا معنا عرباً لا شرقيين ولا فراعنة) والحق أن المصريين لا يستطيعون أن يجردوا أنفسهم من ميراثهم الفرعوني القديم، ولكن هذا لا يحملهم على الازورار عن القافلة العربية والتخلف عن الركب الإسلامي العظيم، ولا نستطيع أن نفرق بين النزعتين العربية والإسلامية، فقد كان الإسلام على فطرته وبساطته يوم كانت الإمبراطورية الإسلامية عربية خالصة، ولم تدخل المذاهب الملية المعقدة إلا حين دالت