فكيف يا ترى تنهض بهذا المشروع الضخم؟ وبمن من هؤلاء الإثني عشر مليوناً وثلاثة أرباع المليون تبدأ؟ أتبدأ بالأطفال وأمرهم موكول إلى وزارة المعارف، أم بالغلمان وأمرهم موكول إلى سياسة التعليم العام الذي شرعت وزارة المعارف تُعدَّ له برنامجاً ذهبياً؟ أم بالشباب والشيوخ، ومشكلة تعليمهم ليست هنةً من الهنات، بل هي مشكلة المشكلات! وهل يكون للمرأة - أو الفتاة - نصيب من مشروع وزارة الشئون، بوصفها تشغل من الأمية نسبة أعلى مما يشغله الذكور؟ وإذا استقر الأمر بوزارة الشئون على أن يشمل مشروعها الذكور والإناث على السواء، فما هي الوسيلة - أو الوسائل - التي سوف تروض بها تلك الكتلة الهائلة العجيبة من الأميات المصريات البائسات، وتروضهن بها على قبول الفكرة أولا، فكرة محو الأمية، ووجب إقبالهن على تعلم مبادئ القراءة والكتابة والحسابة وما هو وراء الكتابة والقراءة والحسابة من محتوم الثقافات؟ أم تفضل وزارة الشئون أن تبدأ بتعليم الذكور، فإذا فرغت من شأنهم شرعت في حربها ضد أمية النساء؟ ومتى تفرغ من إبادة الأمية بين الذكور لتبدأ إبادة الأمية بين النساء يا ترى؟ وهل من الخير لمصر والمصريين أن يهملوا إبادة الأمية بين النساء حتى يفرغوا من أمر الذكور؟ وأيهما خير: البدء بمكافحة الأمية بين النساء، أم البدء بمكافحتها بين الذكور؟ وإذا نهضنا بالحرب ضد الأمية في الميدانين في وقت معاً، فكيف نبدأ في حدود الوسائل التي تيسرها لنا ظروفنا الحاضرة، ومواردنا المالية؟
هذه بعض مشكلات البدء في مكافحة الأمية
وثمة مشكلات لا تقل خطورة عن تلك التي ذكرنا، تتعلق بالهيئة التي سوف تتولى الإشراف على هذا المشروع الشريف الضخم. . . هل يشترك في ذلك نفس الرجال الذين اضطلعوا بمشروع التعليم الإلزامي ففشلوا فيه فشلاً ذريعاً تاماً كما عبر وزير المعارف الحالي؟ وهل حقاً كان هؤلاء الرجال الأفاضل سبب الفشل في هذا المشروع. لا يشاركهم في ذلك أحد ممن يتولون في مختلف الظروف سياسة التعليم في مصر؟ ثم ما هي الوسيلة، أو الوسائل، التي تتقي بها وزارة الشئون تكرر المأساة التي وقعت لسوء الحظ من قبل؟
وثمة مشكلات أجل خطورة من كل ما ذكرنا. . . تتعلق باختيار المعلم - أو المعلمين - الذين سوف نعبئهم للنهوض بهذا المشروع. . . ومما لا ريب فيه أن المعلم الإلزامي سوف