ينهض بأثقل الأعباء في تلك الحرب، يعاونه سائر المعلمين في سائر فروع التعليم؛ فهل هؤلاء المعلمون جميعاً صالحون لأن توكل إليهم تلك المهمة النبيلة السامية؟ والمعلم الإلزامي بنوع خاص ما خطبه؟! لقد عبنا عليه قلة العلم وقلة الثقافة، بل منا من اتهمه هو نفسه بالأمية الشنيعة في أفكاره وفي معلوماته، بالرغم من وجود عدد لا يستهان به من المعلمين الإلزاميين المثقفين ثقافة ممتازة استطاعوا أن يلمسوا هذا العيب في أنفسهم، فعالجوه بالإكباب على القراءة وحسن الدرس واقتناء الكتب، حتى أصبح منهم الكتاب والشعراء والمفكرون. فماذا صنعت الدولة لإصلاح حال هذا المعلم البائس؟ لقد تناول المستشار الفني لوزارة المعارف حياة هذا المعلم المصري الكريم في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) في أكثر من فصل من فصوله. فصوره لنا في صورة مؤلمة. . . وطلب له من الدولة العناية اللائقة به في حالتيه الأدبية والمادية؛ فماذا حققت الدولة إلى اليوم من رجاء المستشار يا ترى؟ نعترف أنها أوشكت أن تفرغ من إنصافه مادياً، ولكن متى تنصفه أدبياً؛ فتكمل هذا النقص العلمي والثقافي الذي أخذه عليه المستشار في كتابه، بالطريقة التي يراها الفنيون، والتي من أجلها وأكثرها نفعاً تلك الدراسات الصيفية التي أخذت بها مراقبة التعليم الحر لتكميل النقص الذي لمسته في ثقافات الكثيرين من مدرسيها. لقد استكثر المستشار الفني على هذا المعلم أن يضطلع بحالته تلك بمهمة تعليم الأطفال في المدارس الإلزامية. فكيف نترك العبء الأكبر من مكافحة الأمية بين الكبار يقع على كاهله وهو لا يزال في الحالة التي عهده المستشار عليها منذ ست سنوات. أي عندما فرغ من تأليف كتابه
إن المعلم الصالح سيكون المثل الأعلى الذي تقيمه الدولة بين الأميين، يعلمهم ويهذبهم ويهديهم إلى الرشد. ويقيم عليهم من شخصيته سلطاناً أدبياً جديراً بالمحبة والاحترام. . . فأي بلاء يصيب أمانينا إذا كان هذا المعلم أحوج من الأميين إلى من يكافح فيه أميته الكامنة، التي تزيدها قشور المعلومات الفجة سوءاً على سوء؟؟
أما مشكلة البرنامج، فبالرغم مما يبدو من سهولتها ويسرها وبالرغم من أن مجرد التفكير فيها يثير الضحك، فهي لا تقل تعقيداً عن سابقاتها. . . إن الذين يظنون مشكلة البرنامج سهلة ميسرة، يحصرون تصورهم في مكافحة الأمية في ذلك الميدان - أو النطاق - الضيق المحدود. . . نطاق القراءة والكتابة والحسابة. ولو فكروا في ألوان الأميات التي