للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الملامح وتنكر السمات - وهذه أمور مردها إلى الحس - فإذا علم بهذا الانقلاب الظاهري لم يتجاوزه إلى التفتيش في أحناء النفس عما هنالك من انقلابات. ولم تثر في نفسه أشتات الذكر، وألوان الخواطر التي تعتلج في نفس (الإنسان)، وترد على الخاطر ولو لم ينظر في المرآة!

ولا أحب أن أنكر جمال اللهفة في قوله: (متى ترحل من هذا المكان متى؟) فإنه نبضة (إنسانية) لها قيمتها، ولكنها نبضة واحدة، تكاد تلتقي بومضات الذهن، ولفتات الفكر للصور المتناقضة، وأياً ما كانت فهي تنبض مرة واحدة، ثم تجمد بلا حراك

على مقربة من هذه القطعة في الكتاب قطعة أخرى للشاعرة الإنجليزية (أليس مينل) تحت عنوان: (خطاب فتاة إلى العجوز التي ستكونها بعد سنين) وهي مقطوعة طويلة، ولكنا سننقلها كاملة لأن الاجتزاء ببعض منها دون بعض لا يجدي.

فهنا (إنسانة) تطل بشطر منها على شطر، وتنظر بعين الفتاة الناضرة العابثة إلى العجوز المستكينة الفانية، فلا تستطيع أن تتماسك أمام الصورة التي تستحضرها بعين الخيال، فترثي لنفسها بنفسها. وتشتبك الأحاسيس والمشاعر، وتظل رائحة جائية بين المستقبل الأعجف المظلم والحاضر المنضر المنير وتعرض أمام خاطرها شريطاً حافلاً بالخواطر والأحاسيس. وهي بين ذلك كله (الإنسانة) و (المرأة) في مخلوقة واحدة، وهذه هي المقطوعة:

اسمعي! أيتها المرأة التي أبلتها السنون

إذا طويت يدك الناحلة على هذا القرطاس

فاذكري تلك التي باركته بلمساتها وقبلاتها

أناديك: يا أماه؛ فإن أثقال السنين كسرتك

بل أناديك: يا بنتاه؛ فإن ذكرى الزمن أيقظتك

ومن أطوار قلبي. يخلق الزمن كل ما فيك

آه أيتها السائمة المكدودة. إن الصبيحة في السماء لشمطاء

أفلا تذكرين السحب كيف تساق؟

أترينها كانت تهدأ عند المغيب؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>