المستحيل، ولكنني تبينت أن الاطمئنان إلى هذا الرأي باب من أبواب الخطر الشديد وكتبت في هذا المعنى منذ ثلاث سنوات رداً على المؤكدين لهذه الطمأنينة أقول إن الحيطة واجبة في الشواطئ المصرية وإلا فالنفاذ منها ليس بالمستحيل، وإن كان عسيراً بالغاً في العسر أقصاه. وبيان هذا من رجال عسكريين أدعى إلى الثقة ووضوح الحقيقة بالحجة الفنية التي تموز الغرباء عن هذه الفنون
وقد كان هذا النقص في خاطري يوم أردت من زعمائنا العسكريين أن يتداركوه وأن يسقطوا عن كاهلهم هذه الفريضة التي لا تلقى قبلهم على كاهل أحد من الناس
والذي نرجوه أن يتحول فرض الكفاية الذي قام به بعض ضباطنا الشبان إلى (فرض عين) يقوم به كل قادر عليه، وهل ينبغي أن يقدر عليه أحد قبل ضباطنا العظماء؟
ويستطرد بنا الكلام عن الكتب وموضوعاتها إلى بدعة مضحكة تروج على بعض الألسنة التي لا تمل الاقتراح ولا تقترح إلا غير ما تراه، وخلاصة هذه البدعة أن الكتابة عن أبطال التاريخ ممنوعة وأن الأدباء يجب أن ينحصروا في الحاضر الذي هم فيه
وقد رد صديقنا الأستاذ المازني على هذه البدعة في مقال له بالبلاغ عن كتابنا (عبقرية خالد) فقال: (هل يراد ترك القديم جملة؟ إن تاريخ الأمم كالذاكرة للفرد ولا ندري كيف يعيش إنسان بغير ذاكرة ولا كيف تحيا أمة تجهل ماضيها وترى أن تدفنه وتهيل عليه التراب)
ثم اطلعنا في مجلة الاثنين على كلمة بعنوان (المستقبل لا الماضي) يعيب فيها كاتبها الأديب أن يتكلم الناس عن علي وعثمان وموقف أبي موسى الأشعري من التحكيم، ثم يقول إنه لا يريد هذا (ولكنا نريد أن نعرف ما عسى أن يصنع ١٧ مليون مصري ٩٥ % منهم فقراء معدمون نريد أن نعرف ما هو مستقبل الوطنية الصحيحة في مصر وما هو مركز الاستقلال الحقيقي في هذا البلد. نريد أن نعرف هل الأفضل لمصر أن تبقى زراعية فتعيش في الذل والاستعباد أم تجمع بين الزراعة والصناعة ليرتفع مستوى الحياة فيها ويسمو. . .)
إلى آخر ما يريد أو يريدون
والظريف أن يصدر هذا من محرر (الاثنين) وهو يعلم أن العالم ينطوي وقد استنفدت