للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المطابع من صحف المجلات عشرة آلاف صفحة في توافه المتبطلين والمتبطلات من رواد المراقص والمحافل وميادين السباق، ثم يستكثر بعد هذا بضع مئات من الصفحات على سيرة خالد بن الوليد أو عثمان بن عفان أو إنسان من ذوي الذكر كائناً من كان!

ويظن الكاتب الظريف أن (التقاليع) الأمريكية تنفع هنا كما تنفع في أخبار المجالس والأندية وما وراء الستار وما أمام الستار

والتقاليع الأمريكية لا تنفع في هذا الباب

لأنه يصح أن يذكر أن انتشار الزراعة أو الصناعة وما شابه ذلك من نظم الثروة وتوزيعها أمور فنية لها قوم مختصون بها، هم الاقتصاديون والزراعيون وخبراء المال والنقد والمصارف والشركات، ودخول الأدباء في هذه المباحث افتيات على (وظيفة) أصحابها وتعطيل لعملهم الذي هم أحق الناس أن يلتفتوا إليه

ويصح أن يذكر أننا تناولنا من مسائل العصر الحاضر أهمها وأولاها بالالتفات والتحقيق وهي مسألة النهاية التي تصير إليها الحرب الهتلرية، كما أوضحنا حقيقتها في كتابنا (هتلر في الميزان). ولم تكن هذه المسألة غريبة عن مستقبل الوطنية في مصر ولا عن مركز الاستقلال الحقيقي فيه، ولكنها غريبة عن عقول طمسها الله، فحملت من التبعات التي تجهل مداها ما تنوء به كواهل الأجيال

ويصح أن يسأل نفسه بعد هذا سؤالين وهما: ما هو الوقت الذي يسقط فيه حق التأليف بمضي المدة؟ أهو خمسون سنة أو مائة، أو عشرة أسابيع أو عشرة شهور؟

وأين هي الأمة التي ليس لها حاضر ولا مستقبل؟ ولماذا لم توجد أمة قط تركت الكتابة عن الماضي ولها حاضرها ومستقبلها في كل دقيقة من الزمان!

فسنة ١٩٤٤ ليست هي الحاضر الوحيد الذي خلقه الله، وسنة ١٩٤٤ ليست هي السنة الوحيدة التي اشتغل فيها الناس بمعيشتهم وبحثوا عن أسعار الخبز واللحم والقمح والقطن والشعير

سنة ١٩٤٤ في هذا كسنة ٩٤٤ وكسنة ٩٤ وكسنة ٩٤ وسنة ١٩٤٤ قبل الميلاد

كل سنة من هذه السنين يا أخانا هي وقت حاضر، وهي سنة يأكل فيها الناس ويشربون ويهتمون بأسعار اللحم والخضر وبمسائل الفقر والغنى، وبمستقبل الصناعة والزراعة، أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>