أما زهير فقد سما (هرم) به ... ولتسمون بشعرك الأهرام. . .
وإذا استثنينا البيت الثالث من هذا الكلام العجيب، طلبنا من الله لشوقي الرحمة، كما طلبناها للأستاذ عنبر. . .
ولعل أصدق كلمة قيلت في شعر رامي هي تلك التي كتبها حافظ - رحمه الله - يحي بها هذا الجزء الثاني الرائع من ديوان رامي، الذي يجمع شعر صباه أيضاً (١٩١٨ - ١٩٢٠). قال حافظ:
(أدمنت النظر في شعر رامي، فإذا به من ذلك النوع الحسن الذي يعجزك تعليل حسنه. تسمع البيت منه فيشيع الطرب في نفسك قبل أن تعلم مأتاه، وقبل أن يتطلع العقل إلى فهم معانيه. ذلك هو شعر النفس، وهو أرقى مراتب الشعر
ورامي شاعر موفق الشيطان إذا تغزل أو وصف، رقيق حواشي الألفاظ، بعيد مرامي المعاني، يقول الشعر لنفسه، وفي نفسه، فإذا جلس إليه، وسنح له المعنى العصري، تخير له اللفظ السَّرِي
وهو كثير الاعتماد على نفسه في شعره، فلا يتسلق على كلام غيره، وأثر ذلك بيّن في غزله ووصفه، فقد نحا فيهما منحى عصرياً جديداً، أكرمهما فيه عن عنجهية البداوة، وركاكة أولئك الذين تصدوا لقرض الشعر، فوضعوا أمامهم مشقاً من الشعر الغربي، وترجموا معانيه، ولكن إلى أَلاّ لغة، فجاء أسلوبهم يرتضخ أعجمية، وأسلوب رامي يتدفق عربية. فديوانه سلوة العاشق، ونزهة المتأمل)
وحافظ رحمه الله صادق جداً في معظم هذه النظرة السريعة المركزة في شعر رامي، وإن ظلمه بقصر نبوغه على الغزل والوصف، إذ عبقرية رامي عبقرية متعددة النواحي، إذا جاء الغزل وأشعار الغرام في أولها، لم يأت شعر الوصف في المرتبة الثانية مباشرة، بل سبقته ألوان زاهية زاهرة من شعر رامي. . . في مقدمتها ذلك الشعر الإنساني الرفيع الذي سوف نتحدث عنه بعد أن نذكر لك هذا الكلام جرى الكتاب على إثباته والذي تعرف أكثره؛ فنذكر أن رامي ولد بالقاهرة سنة ١٨٩٨، أي في السنة التي عرفنا أن أخانا الشاعر المحبوب (ناجي)، وأن شاعرنا الجليل الموهوب (عزيز أباظة) قد ولدا فيها. وأن والده كان