الرسول هو أيضاً نسيب، لأنها تكلمت عن أوصافه الحسية التي تعين أنه إنسان جميل، ووصف الجمال من ألوان النسيب. ثم جاء القصص الغرامي الذي شاع في عصر بني أمية وأول عصر بني العباس)
وأول ما نلاحظ على كلامه أنه أدرج القرآن مع كلام البشر في فصل من باب عقد لبحث خصائص النثر الفني في القرن الرابع، وكلامه السابق مقدمة هذا الفصل ليريك في زعمه تطور النسيب والغزل في النثر من أقدم عهوده إلى القرن الرابع، فهو بهذا يقول بلسان الفعل والتطبيق أن القرآن من كلام الناس، يحشر مع كلام الناس ويصنف مع ما يناسبه من أصناف كلام الناس. والصنف الذي وضع فيه الآيات السابقة هو الغزل والنسيب
فهل قرئ أو سمع في الأدب العربي قبل كتاب النثر الفني أن القرآن به غزل ونسيب؟ هل سمع أو قرأ لباحث مسلم أو غير مسلم قبل أن يكتب زكي مبارك كتابه أن آيات سورة الواقعة من الغزل والنسيب؟
ما هو الغزل وما هو النسيب عند الأدباء وعند كل الناس؟ أليس هو في أضيق حدوده إعراب إنسان عن الآفتان بجمال إنسان؟ فأي ركن من هذه الأركان يمكن أن يطبق على ما ذكر زكي مبارك من نصوص القرآن؟ دع عنك ما يصحب الغزل عادة من التمني الظاهر أو المستتر، فهل ذلك الوصف للحور في الآخرة يمكن أن يعد عزلاً بأي وجه من الوجوه؟
إن أحداً لم ير الحور، حتى يفتتن فيصف. وليست الحور من متاع الدنيا ونعيمها حتى يكون وصفهن ووصف نساء الدنيا من باب سواء. ولو تخيل كاتب أو شاعر نساء القرن الآتي فوصف من جمالهن وبالغ ما عد أحد ذلك من الغزل، فكيف يمكن أن يكون من الغزل جمال وصف الحور في الآخرة وهن من الغيبيات عند المؤمنين ومن الخياليات عند الملحدين؟
ولنفرض أن الحور حاضرات يراهن في الدنيا كل إنسان أفيعد جمال وصفهن من الغزل والنسيب؟ إن وصفهن عندئذ يكون مثل وصف نساء قطر من أقطار دنيانا هذه، فهل يعد هذا غزلاً ونسيباً، أم الغزل يقتضي تخصيص أنثى معينة أو إناث معينات بالافتتان أو الإعجاب؟
وعلى أي حال فمن هو المفتتن المعجب بالحور العين في القرآن إن الغزل يستلزم متغزلاً