كما يستلزم متغزلاً فيه. يستلزم شاعراً أو كاتباً في طرف، كما يستلزم أنثى - أو غير أنثى في مذهب صاحب النثر الفني - في الطرف الآخر. فما هو الطرف الذي منه الافتتان فالوصف في القرآن؟ محمد بن عبد الله؟! إذن لقد دار البحث ورجع إلى نفس النتيجة التي ظهرت من الأول: أن صاحب النثر الفني يرى القرآن من عند محمد لا من عند الله، إذ لا يمكن أن يجوز أن يصدر من الله جل جلاله غزل أو نسيب
لقد كان في نفس النصوص القرآنية التي أوردها ذلك المغرور المتعالم ما يرده إلى صوابه لو كان يبحث حقاً، فقد عد من النماذج الغزلية في القرآن الآيات الكريمة (إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً. عُرباً أتراباً). وهذا الكلام لا يمكن أن يكون من قول مخلوق، بشر أو غير بشر، لأنه لا يمكن أن يستقيم في عقل عاقل أن يكون أحد من الخلق أنشأ أو ينشئ صنفاً من النساء إنشاء في الدنيا فضلاً عن الآخرة. وإذا حاول مكابر أن يتجاهل دلالة المصدر ليصرف فعل (أنشأ) عن معناه الحقيقي إلى معنى مجازي يمكن أن يقوم به بشر، فقد حال الله سبحانه بينه وبين ذلك بقوله تعالى:(فجعلناهن أبكارا)، لأن الله وحده هو الذي يخلق الأنثى بكرا، لا يقدر على ذلك غيره سبحانه. أما البشر أجمعون فيعجزون حتى عن أن يردوا الشيب بكراً مهما حاولوا. فضمير المتكلم في تلك الآية الكريمة لا يجوز في عقل أن يرجع إلى محمد أو إلى غير محمد من العرب أو من الخلق أجمعين. لا يجوز ولا يمكن أن يرجع ضمير المتكلم في تلك الآية إلا إلى الخالق سبحانه، فهو دليل قائم ومذكر دائم أن القران ليس من كلام مخلوق، فلا يجوز أن يجريه أحد مجرى كلام البشر كما فعل زكي مبارك حين أجرى تلك الآيات الكريمة - وكلها من سورة واحدة - مجرى الغزل، وحضرها بجهله وسوء أدبه في فصل النسيب، برغم خلوها من كل شرط من شروط الغزل والنسيب
على أن خطل زكي مبارك لم يقف به عند أمر الحور بل جعله يتعداهن إلى الوالدان، فاجترأ على أن يدخل في باب النسيب قوله تعالى في أهل الجنة:(يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق، وكأس من معين)
وليس يدري أحد ماذا في هذه الآية الكريمة مما يمكن أن يدخل في النسيب من قريب أو من بعيد حتى على فرض أنها من قول النبي لا من قول الحق سبحانه. فالأكواب والأباريق