للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يبلغنِّ أم خازم وخازما ... إذا هبطن مستحيراً قاتما

ورجع الحادي لها الهماهما ... ألا ترين الحزن مني دائماً

حذار دار منك لن تلائما ... والله لا يشفى الفؤاد الهائما

تماحك اللبات والمآكما ... ولا اللمام دون أن تلازما

ولا اللزام دون أن تفاقما ... ولا الفقام دون أن تفاغما

وتركب القوائم القوائما

فشتمه زيادة وشتمه هدبة، وتسابا طويلاً، ثم صاح بهما القوم: اركبا لا حملكما الله، فإنا قوم حجاج

وقد خشوا أن يقع بينهما شر فوعظوهما حتى أمسك كل واحد منهما على ما في نفسه، وهدبة أشدهما حنقاً، لأنه رأى أن زيادة قد ضامه إذ رجز بأخته وهي تسمع قوله، ورجز هو بأخته وهي غائبة لا تسمع قوله؛ فمضيا ولم يتحاورا بكلمة حتى قضيا حجهما، ورجعا إلى عشائرهما

وكان هدبة من بني عامر وزيادة من بني رقاش، فتفاقم الشر بين الرهطين، والتقى نفر من بني عامر فيهم أبو جبر وهو رئيسهم الذي لا يعصونه، وخشرم أبو هدبة، وزفر عم هدبة، ونفر من بني رقاش فيهم زيادة واخوته عبد الرحمن ونفاع وأدرع، وكان ذلك بواد من أودية حرتهم؛ فكان بينهم كلام؛ فغضب أدرع وأبو جبر، وكان زفر عم هدبة يعزى إلى رجل من بني رقاش؛ فقام أدرع فرجز به فقال:

أدُّوا إلينا زُفَرا ... نعرف منه النظرا

وعينه والأثرا

فغضب رهط هدبة وادعوا حداً على بني رقاش، فتداعوا إلى السلطان. ثم اصطلحوا على أن يدفع إليهم أدرع فيخلو به نفر منهم؛ فما رأوه عليه أمضوه. فلما خلوا به ضربوه الحد ضرباً مبرحاً؛ فراح بنو رقاش وقد أضمروا الحرب وغضبوا، وكان على السلطان أن يتولى إقامة الحد على أدرع، حتى يهدئ تلك النفوس التي لا تزال تنزع إلى جاهليتها، وتحاول الرجوع إلى عاداتها التي قضى الإسلام عليها

ثم جعل زيادة وهدبة يتهاديان الأشعار ويتفاخران، ويطلب كل واحد منهما العلو على

<<  <  ج:
ص:  >  >>