ماضي صبوته، فلما فعل، وجد الحياة قد أقفرت من معناها الجميل الذي كان يروقه في الزمان الغابر. وإذا. . .
وإذا بقلبي في مناحي أضلعي ... مثل الغريب غدا رهين سفار
مستوحشاً في مهمه متطاول ... بعدت مطارحه على الأنظار؟!
ولله هذه الصورة الرائعة للقلب الذي أقفر من الحب، يصورها خيال رامي الشاعر المبدع الفنان! إنها لصورة تذكرنا بصورة صديقنا العبقري الدكتور إبراهيم ناجي، صاحب القلب:
الشهيد المتواري في الضلوع!
وهنا. . . يجب أن نقف قليلاً لنقذف في أسماع شعرائنا خاصة، وأدبائنا عامة، بذلك السؤال الذي طالما هممت أن أكتب في موضوعه كلاماً طويلاً لا ينتهي، أناقش فيه أولئك الشعراء والأدباء الحساب عن قصص قلوبهم، وأنباء حبهم؟
لماذا لا يصارحنا سادتنا الشعراء والأدباء بأنباء ذلك الحب الذي يخفونه عنا، وهم يعلمون أن:
الحب نبع الشعر منه تفجرت ... عين المعاني والخيال الساري
والحب لحن النفس وقّعه على ... وتر القريض بنانُ موسيقار
لماذا يتركنا سادتنا الشعراء والأدباء في ذلك الظلام الدامس من أنباء حبهم، ونحن لا نفتح كتاباً من كتب تاريخ الأدب في الشرق أو الغرب إلا ونطلع من أنباء غرام الشعراء والأدباء المفصلة تفصيلاً تاماً ظريفاً طريفاً ما نقف منه على أهم صفحة في كتاب حياة كل منهم؟ أي شاعر من شعراء العرب الجاهليين أو المخضرمين أو الإسلاميين أو الأمويين أو العباسيين لا نعرف قصة حبه رائعة مفصلة؟ وأي شاعر من شعراء الغرب لم تكتب عن أخباره الغرامية الكتب والمؤلفات؟ هل يعتبر شعراؤنا الخوض في أحاديث حبهم فضيحة؟ حبهم الذي أثمر لنا أشهى ثمار الشعر المصري الحديث، والقصص المصري الحديث، والأدب المصري الحديث؟
إن إمتاع رامي هذه الحقبة الطويلة عن قول الشعر بسبب نكبته في حبه الذي نجهل أخباره، يشبه إمتناع ناجي عن قول الشعر تلك الحقبة الطويلة التي تكلمنا عنها حينما كنا نكتب عنه، وذلك بسبب نكبته في حبه الذي نجهله كذلك، والذي أبى ناجي أن يحدثنا عنه