يعبر الصوفية عن ذات الله (بالوجود الكلي المطلق اللانهائي) ويقولون بأنه لا موجود غيره، وأن هذه الكائنات ما هي إلا مظاهر وصور للوجود الكلي قائمة به، فليس لها وجود غير الوجود الكلي، ويشبهون ذلك بأمواج البحر؛ فكما أن الأمواج ليست سوى مظاهر وصور قائمة بالماء، وكما أنها لا وجود لها غير وجود الماء، كذلك هذه الكائنات بالنسبة إلي الوجود الكلي
هذا مجمل ما يقال في تصوير وحدة الوجود التي يقول بها أهل التصوف ويمثلونها بقولهم لا موجود إلا الله وهم فيها مستمدون من الآيات القرآنية، كما هو مذكور بالتفصيل في رسائل التعليقات
ما يقوله فلاسفة اليونان
لقد ذكر لهم الأستاذ خشبة أقوالاً كثيرة، وكلها بعيدة عن وحدة الوجود؛ فلا نعرض إلا لأقربها حوماً حول الوحدة التي يقول بها أهل التصوف، وإذا ثبت بطلان هذه ثبت بطلان غيرها بطريق الأولى فنقول:
ذكر الأستاذ في رقم (٥) أقوال (أجرنوفانس) الذي دعا الناس إلى عبادة الله الواحد الذي ليس كمثله شيء، والذي تنزه عن الأعضاء فهو سميع كله سمع، وبصير كله بصر، وعاقل كله عقل. . . موجود في كل الوجود، إلا أنه كان يؤمن بأن الله (حال) في العالم، وأنه ليس شيئاً غيره. قال الأستاذ وهو في ذلك أول قائل بوحدة الوجود
فنقول إن القول بالحلول ينافي وحدة الوجود كل المنافاة، لأنه بحكم الضرورة يقتضي حالاً ومحلولاً فيه. فيكون الوجود وجودين، لا وجوداً واحداً. فكيف يكون الله حالاً في العالم، ويكون ليس شيئاً غيره
والصوفية ينكرون الحلول أشد الإنكار، ويرون القول به كفراً بوحدة الوجود، فالعالم عندهم ليس له وجود حقيقي غير الوجود الكلي فهو قائم به ومظهر من مظاهره ليس إلا، وكذلك الموجة في البحر، فإن الماء لا يكون حالاً في الموجة، لأن الموجة لا وجود لها غير وجود