كانت تصبو إليه نفسه وبلغ أعلى درجات الدعوة الفاطمية فقد أصبحت مرتبته تلي مرتبة الإمام مباشرة، ولكنها مرتبة روحية قبل كل شيء، وليس لصاحبها أن يتدخل في شئون السلطة التنفيذية
ولا أستطيع أن أحدد المدة التي مكثها المؤيد في هذه المرتبة ولم يحدثنا أحد من المؤرخين عنه، ولم يحدثنا هو نفسه عن حياته بعد سنة ٤٥٠ هـ، وكل الذي وصلنا أن الوزير عبد الله بن يحيى ابن المدبر (الذي تولى الوزارة مرتين إحداهما في صفر سنة ٤٥٣ هـ وصرف عنها بعد شهور، والأخرى في ربيع سنة ٤٥٥هـ وتوفي عنها في جمادى الأولى من هذه السنة) قد طلب إبعاد المؤيد من مصر ونفيه إلى الشام فسير المؤيد إلى الشام وعاد إلى مصر بعد مدة، ولا أدري متى كان ذلك، ولا أشك أن المؤيد أصبح له بعض النفوذ في مصر حتى خشي الوزير سطوته ونفوذه، فاقترح بإبعاده عن البلد ثم نرى بعد ذلك شيئاً من نفوذ المؤيد إذ تولى صنيعته وكاتبه ونائبه في ديوان الإنشاء أبو الحسن بن الأنباري الوزارة سنة ٤٥٧ هـ ومع ذلك كله فحياة المؤيد بعد سنة ٤٥٠هـ غامضة أشد الغموض إلا ما كان من أمر علاقته بقاضي قضاة اليمن لمك بن مالك الذي جاء مصر على رأس وفد من علماء اليمن ومكث في دار المؤيد خمس سنوات وأخذ عنه كل علوم المذهب الفاطمي، وعاد إلى بلاده يبشر بآراء المؤيد وعلومه، وسنتحدث عن ذلك فيما بعد. ولا تختلف المصادر في أن المؤيد توفي سنة ٤٧٠ هـ ودفن في دار العلم بالقاهرة وصلى عليه إمامه المستنصر الفاطمي.