للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتمت المؤامرة بالنجاح، إذ استطاعت جيوش البساسيري أن تدخل بغداد سنة ٤٥٠هـ. وأن يدعي على منابرها باسم المستنصر الفاطمي، وأن يأسر القائم بأمر الله العباسي، وأن يصلب ابن المسلمة وزيره عدو المؤيد القديم الذي أرسله الخليفة العباسي لأبي كاليجار البويهي لإخراج المؤيد من شيراز، وقد أظهر المؤيد شيئاً من الابتهاج بصلب هذا الرجل، وظهر ذلك في شعر المؤيد بقوله:

وعبوس يوم لابن عباس به ... لاقى الردى متشخصاً لعيانه

إذ بات يعثر في ذيول مذلة ... يعتاض ضيق الحبس عن إيوانه

وأرى على الصاري ابن مسلمة الذي ... ضجت فم الإسلام من عداوته

فسقى الإله سجال رحمته ثرى ... قبر ثوى فيه أبو عمراته

إن ابنه كم من مقام قامه ... صعبا بثبت جنانه ولسانه

في رفع رايات النبي وآله ... وضرابه لعداتهم وطعانه

واتجه المؤيد إلى مصر، وفي الطريق قابله صاحب البريد ومعه أمر من الوزير المغربي بأن يعود المؤيد إلى حلب؛ فدهش المؤيد من هذا الأمر وأخذ يفكر فيه، وأخيراً استقر رأيه على أن يواصل سيره إلى مصر، ولكنه فوجئ بأمر ثان كالأول فلم يأبه وواصل رحيله. فإذا بأمر ثالث مما جعل المؤيد في حيرة من أمر هؤلاء الذين يحاولون منعه من دخول مصر بعد هذه الخدمات التي أداها لهم، وبعد أن نشر دعوتهم وبسط سلطانهم في قلب أملاك العباسيين، بل بعد أن أزال سلطان العباسيين من عاصمة ملكهم وبعد أن أسر الخليفة العباسي نفسه، وبالرغم من وصول هذه الأوامر إليه فقد أصر على دخول مصر وخشي أن يتخذ في سيره إلى مصر الطرق المألوفة فيفاجأ بمثل هذه الأوامر، لذلك عمد إلى أن يتخذ طريقه في المجاهل، وسار إلى مصر متنكراً في رحلته إليها، كما جاءها متنكراً في رحلته الأولى، فما شعر به أحد حتى رأوه على باب القاهرة فأسقط في يد الوزير ولم يدر ماذا يصنع.

يخيل إليّ أن المؤيد لم يجد من الوزير المغربي ما كان أهلاً له وما يجدر بمثله، ولكن الوزير اضطر إلى أن يكل إلى المؤيد أمر الدعوة، وبذلك أصبح المؤيد حجة الدعوة وداعيها المطلق ولقب (بالرئيس الأجل عصمة أمير المؤمنين). وبذلك وصل المؤيد إلى ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>