لأحفظ لآراء الدكتور اطرادها وتماسكها، ولأن ما لخصت أساس لما نقلت، ومن أجل هذه لجأت إلى نقل ما أريد مناقشته مع طوله دون التلخيص. وأسأل نفسي هنا سؤالاً يحدد الرأي الذي أريد مناقشته هنا، وسنرى أكان الدكتور موفقاً في الإجابة عنه أم لم يوفق
آلمنفلوطي ممن ينطوون في أثناء التيار الأول كالمويلحي والبكري والرافعي والزيات، أم ممن ينطوون في أثناء التيار الثاني كطه حسين الذي ضربه الدكتور مثلاً لرجال هذا التيار؟
يرى الدكتور أن المنفلوطي ممن ينطوون في أثناء التيار الثاني، بل يوغل فيرى أن التيار الثاني يبتدئ به، ونترك الآن أن هذا التيار ابتدأ به، وحسبنا أن نرى أكان أم لم يكن من رجاله؟
وقبل أن نناقش رأي الدكتور نلاحظ عليه أولاً أنه حدد الخاصية التي يجتمع فيها - كما عبر - رجال التيار الأول وسكت عن الخاصية التي يجتمع فيها رجال التيار الثاني، وقد تكرر هذا السكوت مرات منه حين لجأ إلى التقسيم
وما نظننا في حاجة إلى مقياس جديد غير مقياس الدكتور نطبقه لنرى أي تيار ينطوي فيه المنفلوطي، فعلينا أن نتمسك به وهو وحده كفيل ببيان الحق الذي ننشده، وكفيل ببيان أن الدكتور أخطأ في تطبيق مقياسه وناقض نفسه ولم يصل إلى الغاية التي كان يجب أن ينتهي إليها، فقد استقام على سنن واضح في أول أمره ثم حطم مقياسه فانتهى إلى نهاية لم يتخذ لها بدايتها، ولم تكن البداية التي سلكها لتصل به إليها
أما رجال التيار الأول - كما قال الدكتور - مثل (المويلحي والبكري ومصطفى صادق الرافعي وأحمد حسن الزيات على اختلاف في الأمزجة وعمق التفكير أو الإحساس، ولكنهم يجتمعون في خاصية واحدة، هي أنهم وإن يكونوا أبعد من أن يمثلوا في شيء اللفظية التي سادت في عصور مصر الإسلامية المتأخرة، إلا أنهم رغم ذلك يحرصون على تجويد العبارة تجويداً فنياً ويخضعون الفكر أو الإحساس لطرق الأداء حتى ليأخذك في أدبهم جمال الصياغة قبل أصالة الموضوع، أو تحس بأن تلك الأصالة قد اضطرتهم إليها أصول الأسلوب التي ينتهجونها)
والمقام لا يتسع لإيراد الشواهد من كلام المنفلوطي، وما نظننا بحاجة إلى الوقوف عند