ولم يتجاوزها إلا إلى الصور ليلقي عليها نظرة عابرة، وليته قرأ هذه الصفحة الواحدة بإمعان، بل تسرع فأخطأ في نقل بعض ما بها. إذ ذكر في نقده (النقابات المساعدة) وحقيقتها (النقابات الإسلامية)، وهو بعد هذا لم يفطن إلى الصفحات الثمانية التي لخصت فيها البحث باللغة الإنجليزية، فلم يشر إليها ولم تدخل في حسابه الذي توج به نقده إذ ذكر أن صفحات الرسالة ٣٢ (كما هو وارد في الصفحة الثالثة) بينما هي في الحقيقة ٤٠ صفحة، وأما الصور، فإن نظرته السريعة إليها قد دفعته إلى الظن بأنني اكتفيت بتلك الكلمة التي قصدت بها إيضاح الفكرة، فحسب، وجعلته يسارع في اتهامي بما أحرص عليه أشد الحرص، ولو كان حضرته حريصاً على الأمانة العلمية حرصي عليها لقرأ الرسالة كما يقرأ القاضي النزيه أوراق القضية قبل الحكم فيها، وعندئذ يجد أنني ذكرت في الصفحة السابعة والعشرين أسماء الكتب التي نقلت عنها الصور وأسماء مؤلفيها. بقيت مسألة أسف حضرة الناقد، لأنني نقلت إحدى عشرة صورة بحجمها من كتب نشرت قبل الآن، ثم أمنيته في أن أعنى بنشر صور جديدة، وفي الحق إنني لآسف له، راثٍ لحاله إذ كشف عن سطحيته إن صح هذا التعبير، لأنه لو كان قرأ البحث وأدركه حق الإدراك لوجد أنه يدور حول موقف الإسلام من الفنون الجميلة، وبيان هذا الموقف لا يتطلب أكثر من توضيح الفكرة بأي وسيلة إيضاح ميسورة، فمن الإسراف حقاً ألا يستفيد الإنسان من (كليشيهات) أنفقت الدولة على صنع معظمها، طالما أن ذلك لا يؤثر في جوهر الموضوع ويكشف عن الفكرة بجلاء. ولو كان البحث في الفنون الجميلة نفسها لكان الناقد على حق في مطالبته بصور جديدة، لأن المقصود عندئذ يكون ببيان الفن وتنوعه لا بيان الفكرة الكامنة وراءه
وبعد فإنني أعتقد أن من حقي عليك - يا سيدي الأستاذ - ومن حق المكانة العلمية السامية التي تتمتع بها مجلة المقتطف، بل ومن حق الأمانة العلمية التي تشدق بها حضرة ناقدك المحترم ونسيها في تقده أن تنشر هذه الكلمة في نفس الموضوع الذي نشرت فيه نقده في أول عدد يصدر من المجلة لترد الحق إلى نصابه. ولك مني بعد ذلك أطيب التحيات وخالص الاحترام