وأما تعقيبي على الرد الذي نشر في عدد شهر يوليو سنة ٩٤٤ ص١٩٠ من المقتطف فهو أنني ما زلت أعتقد من (صاحب الإشارة) ليس من الاختصاصيين في موضوع الرسالة، ولا يستطيع أن يستر دعواه بقوله إنه (لم ير مجالاً لمناقشة الآراء وإنها على حسن عرضها ليست على خطر ولا جدة). ولو كان حقاً من رجال هذا الموضوع لناقش ولو رأياً واحداً من الآراء الكثيرة التي تضمنتها. على أنني لا أعيب عليه هذا قط ولا أطالبه بأن يكون من الاختصاصيين، وإنما أطالبه بأن يكون أميناً في التعريف بما يتصدى له من كتب وأبحاث، مخلصاً فيما يتولاه من هذا العمل، مدققاً فيما يصدر عنه من أحكام، لا سيما إذا كانت تمس الآخرين. وأما قصة (الكليشيهات) فأظنه قد عز عليه أن يعود، إلى الحق مع أن الرجوع إليه - كما يعلم - من أعظم الفضائل. فعندما وضعت إصبعه على المكان الذي يرى فيه جلياً أنني شديد الحرص على المادة العلمية راح يستر تراجعه بقوله:(بل أريد المصدر تحت الصورة)، ومع أنني فعلت هذا فعلاً عندما نشرت البحث في مجلة الرسالة (راجع العداد ٥٣٤، ٥٣٩، ٥٤١) إلا أنني لم أشأ أن اشوه جمال الصور في كتابي بذكر مراجعها ووصفها على نفس الورق المصقول تحت الصورة بل آثرت تحقيقاً للذوق الجميل أن أجعل وصف اللوحات ومراجعها في مكان واضح في الكتاب لا يخطئه إلا مهمل أو مغرض، وكلاهما لا يقام لحكمه وزن.
محمد عبد العزيز مرزوق
الأمين المساعد بدار الآثار العربية
ويل للفلسفة من الناس!
يظهر أن القدماء كانوا على حق حين قال قائلهم:(لا تذيعوا الحكمة بين غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها عن أهلها فتظلموهم). وقد كنت إلى حين قريب أجهل قيمة الشطر الأول من هذه الحكمة، حتى ورد إليّ خطاب غريب من أديب لا أعرفه، يتهمني فيه بالكفر والإلحاد (بطبيعة الحال)، ويسفه فيه بعض آرائي (الفاسدة المضلة)! وإنما أعترف لهذا الأديب الفاضل بأني قد أخطأت وأسأت، ولكنني أرجوه أن يعرف أن الكلمة من صاحبها هي بمعناها في نفسه لا بمعناها في نفسها. فإذا كانت كلمتي الأخيرة تنطوي على شيء من