والسياسية، ولا سيما المجتمعات التي تفرض عليها عقائدها رأياً خاصاً في بناء الأسرة وعلاقات الرجال والنساء.
فالنظر إليها من بعض جوانبها مقدمة لنظرات كثيرة في الواقع سيشغل بها أبناء مصر مختارين أو غير مختارين بعد زمن قصير.
ومن هذه الجوانب التي تستحق النظر أو تستحق إعادة البحث فيها جانب الزواج بين الأقارب والأباعد، وما يقوله عنه المختصون بهذه الشؤون من علماء الاجتماع ومؤرخي طبائع الأجناس.
فالزواج بالأباعد، وهو ما يسميه خبراء هذه الشؤون (إكسو جامي) هو عادة أو شريعة من أقدم الشرائع في المجتمعات الفطرية والمجتمعات التي أخذت بنصيب من الحضارة
ويندر بين هذه المجتمعات من لم يعرف (الإكسوجامي) في صورة من صوره الكثيرة التي تتقلب على جميع الفروض وتتناقض أغرب التناقض في بعض الأحوال.
فمن هذه المجتمعات ما يحرم فيه زواج الأخوين ولا يحرم فيه زواج الأب ببنته، ومنه ما يحرم فيه زواج هؤلاء جميعاً ومعهم أبناء الأعمام، ومنه ما يحرم فيه زواج أبناء القبيلة الواحدة الذين ينتسبون إلى جد واحد، ومنه ما يحرم فيه الحمل ولا تحرم فيه الصلات الجنسية.
والاختلاف في تعليل هذا التحريم بين الباحثين فيه أكبر وأوسع من اختلاف القبائل في هذه العادة، وهذه الشريعة
فمنهم من يعزوها إلى غيرة الأب من ولده، وغيرة الأم من بنتها، ومنهم من يعزوها إلى رغبة الرجال في إظهار القوة باغتصاب الحلائل من القبائل البعيدة، ومنهم من يعزوها إلى (الطوطمية)، أو اتخاذ حيوان من الحيوانات جداً للقبيلة كلها ورباً حارساً لجميع أفرادها، فهم جميعاً في حكم الأسرة الواحدة التي لا يجوز لها أن تأكل من لحمها ودمها). . . ومنهم من يعزوه إلى الأسباب الاقتصادية، لأن الأب يتقاضى مهراً من الزوج الغريب ولا يتقاضاه من ابنه أو ابن عمه، ومنهم من يعزوه إلى ما يكون بين الأقربين من الألفة التي تضعف الرغبة الجنسية وتنشئ بين الأقربين علاقة من الرحم غير علاقة الزواج
وكل أولئك جائز أن يؤدي إلى تقرير هذه الشريعة في الجماعات الأولى، وإن غلب بعضه