للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأين هو ذلك الحجر على حرية الرأي الذي تشكو منه يا صديقي الدكتور، وقد استطاع الأستاذ الرصافي أن يقول ذلك كله وأن ينشره على المسلمين في كتاب. . . فلم يصبه أذى. . . ولم تصبه إلا كلمات من أضعف مخلوق مسلم يتهمه الرصافي بأنه يكتب لغرض. . . وأن يداً خفية تحركه للرد على تلك التخرصات! وأنه نسى آداب المناظرة في الرد عليه!

فهل من حرية الرأي أن يقول الرصافي ذلك كله، فإذا رد عليه مسلم ضعيف مثل أخيك الذي أنت من أعرف الناس به، كانت حرية الرأي مهددة، وكانت في عصرنا الحديث شراً منها في العصور التي عاش فيها الجنيد والحلاج والتلسماني وابن عربي وابن سبعين والقونوي ومن إليهم من مشعبذي التصوف؟

إن ديننا يا صديقي الدكتور هو أول الأديان التي تحض على حرية الفكر ومحاربة الجمود. . . وهل صنع رسولنا الكريم، فخر الكائنات، محمد بن عبد الله شيئاً غير هذا؟!

افتح أية صفحة من كتاب الله تجد فيها حضاً على حرية الفكر، ومحاربة للجمود الذهني، والاستعباد الروحي. . . وقد فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما في البحث عن ذات الله من تهلكة، فأوصانا بالإمساك عن الخوض فيها، والتفكير ما شئنا في المخلوقات جميعاً، في الأرض والسموات وفي أنفسنا. فما الذي يغرينا بنبذ وصاة رسول الله؟!

لقد أحسنت حينما قلت: إن نظرية وحدة الوجود هي نظرية فلسفية، وأنك قد سكت حينما رأيت معاركنا تتجه وجهة دينية فمن الذي وجهها هذه الوجهة؟ أنا؟ أم الرصافي الذي جعلها من اختراع الرسول الكريم، وذهب يتأول لها الإسلام والقرآن جميعاً؟!

والعجيب أن يزعم الرصافي أنني ادعيت عليه ما لم يقل حينما نسبت إليه معظم هذه الآراء. وهي كلها آراؤه ساقها في معرض الاستشهاد على ما ذهب إليه بعد إذ جهر في أول الكتاب بأنه يؤمن بنظرية وحدة الوجود بكل ما علق عليها وخرجّ منها وأبرز من أسرارها. فلن ينفعه ادعاؤه بأنه إنما كان يستعرض آراء المتصوفة. ولن ينفعه إنكاره أنه متصوف بعد جهره بأنه يؤمن بالنظرية كما عرضها إيماناً لا يرقى إليه الشك

وبعد. . . فهل رأيت أن شرطك في استبعاد العنصر الديني من المساجلة التي أرحب بها، وأعانقك من أجلها عناقاً لا يدري نتيجته بين ذراعي إلا الله. . . هو شرط عجيب. . . ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>