الذي يجمع أمثاله بهذه الكلمة الأثيمة! (لا يجوز لمسلم أن يأخذ بالحديث، والواجب أن يؤخذ بكلام الفقهاء، ومن ترك كلام فقهاء مذهبه للأخذ بحديث مخالف فهو زنديق)!
ومن إمعانهم في هذا الجمود أن الأستاذ الإمام كان قد رغب إلى الشيخ الإنبابي، وكان شيخاً للأزهر أن يقرر تدريس مقدمة ابن خلدون بعد أن تبين له فضلها؛ فقال له الشيخ: هذا أمر لم تجربه العادة!
ولما طالب رضي الله عنه بإدخال علمي الحساب والهندسة في الأزهر عارض شيوخه في ذلك، وكانت حجتهم التي (تعوذوا) بها (أن الجمهور على أن هذين العلمين يفسدان العقل ويضيعان الاستعداد لفهم علوم الدين وينبغي عدم تدريسهما)!
ولقد كان لدرس الأدب في الأزهر ثورة عنيفة ندع الحديث عنها لصاحب (الرسالة) فهو أحق به منا إذ كان من الذين شهدوا هذه الثورة، ومسهم قرح منها!
وأما الخرافيون. فبحسبك أن تعرف أن كبار شيوخ الأزهر كانوا يحتفلون في كل عام بمولد الإمام الشافعي، وكان لهم فيه عادة اسمها (الكنسة) ذلك أنهم كانوا جميعاً يتولون كنس ضريح دفينة الشافعي، ثم يقسمون هذه (الكناسة) بينهم ليتبركوا بها! ثم ينقلون العمامة الوهمية الموضوعة فوق القبر من رأس شيخ إلى رأس شيخ آخر ليقتبسوا من أسرارها
ولعل قراء (الرسالة) لم ينسوا تلك القصيدة التي رفعها أحد المفتين إلى السيد البدوي يشكو فيها شيخ الأزهر ويطلب من (غوث الورى) أن ينتقم له منه!
وقد ظلت الحرب بين الأزهر وإمامه مستعرة طول حياته. وقد مات رضى الله عنه وهو لا يخشى على الدين أحداً غير شيوخ الأزهر. وفي مرض موته قال أبياتاً جاء فيها
ولست أبالي أن يقال محمد ... أبَلَّ أم اكتظت عليه المآتم
ولكنه دين أردت صلاحه ... أحاذر أن تقضي عليه العمائم
هذا ما كان عليه الأزهر من قبل؛ فإذا ارتفعت منه اليوم أصوات تشيد بذكرى الأستاذ الإمام، وتستعلي بفضله بين الأنام، فتلك آية كبرى على أن البيئة الأزهرية قد أصبحت على غير ما كانت فيه بالأمس، وأنها قد خرجت إلى النور بعد أن كانت من قبل في الرمس.
وعلى أننا قد اغتبطنا بهذا المظهر الجديد الذي بدا في الأزهر فإنا قد لاحظنا أن كل الذين