وهناك شبان يحاولون، لم يتقرر لهم بعد مكان، فبينهم وبين تقرير مذاهبهم في عالم القصة خطوات وتجارب وتعديلات
من كتاب القصة القصيرة الأستاذ (يوسف جوهر) - وهو ينسج على منوال جي دي موباسان - في حرارته وشاعريته، ولكن (جسم القصة) عنده ما يزال بعد ضئيلاً، وما يزال مكرراً، وكثيراً ما يحس القارئ بعد نهاية القصة أن حرارتها البراقة قد خدعته، وأنه لم يخرج منها بشيء كبير، لا من ناحية الموضوع، ولا من ناحية اللمسات الفنية في العرض، ولا من ناحية الرصيد الإنساني الذي هو أثمن ما في العمل الفني
ومنهم الأستاذ (صلاح ذهني) - وهو لا يزال يقبس من طرائق مختلفة، وله توفيقاته في أحيان كثيرة. ولكن ينقصه التركز، كما ينقصه روح الإبداع الذي يرفع القصة من الحادثة اليومية إلى المجال الإنساني. وقصصه في حاجة كذلك إلى الحرارة التي تشعرنا أنه يحس بما يكتب، وليس متفرجاً عابراً يصف الحوادث
ومن كتاب القصة الطويلة الأستاذ (باكثير) وقصصه - لها طلاوتها والحياة واضحة فيها - ولكن لا يزال ينقصها تمكن الروح القصصية، التي تنسي القارئ أن هذه قصة وتخيِّل له أنها قطعة من الحياة تقع الآن. وليس مرد هذا إلى نقص الحياة، ولكن إلى نقص الروح القصصية، فهو ما يفتأ بين حين وحين ينبه القارئ إلى أنه يقص عليه، ولا يدعه يستغرق في القصة وينساه!
ومنهم الأستاذ نجيب محفوظ والأستاذ عادل كامل، وكلاهما يخطو الخطوات الأولى؛ ولكنها - فيما يبدو - خطوات ثابتة وثيقة. تكفي لإثبات وجودهما في عالم القصة، وإن لم تثبت لهما بعد مذهباً مقرراً ينسج غيرهما على منواله؛ إلا أن هذا لا ينفي أنهما في الطليعة - على تفاوت بينهما - في طليعة كتاب القصة الشبان بلا جدال
وهكذا نجد لكل من يشتغل بالقصة في مصر مكانه المعلوم في هذا العالم. فأين نضع (تيمور) بين هؤلاء؟
لا هو القنطرة بين طور من أطوار القصة وطور كالمويلحي، ولا هو القنطرة بين التأثر والابتداع - مع وضوح الذاتية الشخصية والطابع المميز - كالمازني. ولا هو الناشئ الذي لم يزل أمامه المجال منفسحاً للتمكن والكمال