والمسيحين، ويفرط في ذكر محاسن الغلمان، وامتدح السكارى والمخمورين، ومجالس الشراب، ولا يخفى تبرمه بالصوم:
تركيب الإنسان مذ كان لطيف
وبالصيام قد صرت نحيل ضعيف
رقيق أنا يابس. أصفر نحيف
يحملني البرطال (العصفور) في شان شاله
ولا سخريته بالفقهاء:
اسمع اش قلَّي الفقي: توب، إن ذا فضول أحمق!
كيف نتوب والروض ضاحك والنسيم كالمسك يعبق!؟
فطعن من أجل ذلك في دينه، وكاد يقتل لولا أن لطف به أحد القضاة من أصحابه
وهو إذ ينظم الزجل، لا يعبر فيه دائماً عن إحساسه الشخصي، وإنما يؤلف الكلام لينشده المغني على لسان ملك، أو تاجر أو عبد مسترق أو امرأة. وقد يكون المغني والمستمعون كلاهما من المتسولين والمشعوذين والمحتالين، بل مما لا غنى عنه أن يتألف منهم (الكورس) لترديد (المركز) كلما كف المنشد عن الغناء، وقلما تحتجب - في مثل هذه المحافل الشعبية - العيدان والمزامير والطبول والمصافق وغيرها من آلات الطرب، مع الاستعانة بالرقص في بعض الأحيان.
الديوان
يرجح أن الذي عثر عليه في العراق هو (روسو) قنصل فرنسا في بغداد، ثم بيع للإسكندر الأول قيصر روسيا سنة ١٨٢٥ فضم إلى المخطوطات الشرقية في المتحف الأسيوي بسان بترسبورج (لنينجراد) وبقي منسياً فيه إلى سنة ١٨٨١ حين كتب عنه (البارون ده روزن)، ثم نشره (البارون ده جونزبرج) بالتصوير الشمسي سنة ١٨٩٦، وضمنه وعدا بإيراد سيرة الشاعر، وترجمة أزجاله ومقارنة لغتها بلهجات الأندلس وشمالي أفريقية، خلال القرن السادس، ولكن الموت أدركه سنة ١٩١٠، دون أن يفي بما وعد. ثم جاء بعده المستعرب الإسباني (ريبرا)، فألقى محاضرة عنه طبعت سنة ١٩١٢ وفي عام ١٩٣٣ طبعه (نيكل) في مجلة الأندلس بحروف لاتينية إلى المقدمة، فإنها بالرسم العربي، وعني بذكره بعد ذلك