للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثانية: ذكرت ما أورده الدكتور زكي في كتاب النثر الفني نقلا عن الباقلاني من تعريف الأخير للسجع بأنه: (ما يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع)، وتقريره أن ما ورد في القرآن على هيئة السجع لا يدخل تحت هذا التعريف، (لأن اللفظ يقع فيه تابعاً للمعنى). وأردفت ذلك بذكر عبارة الباقلاني التي أكد بها احتجاجه لرأيه المتقدم، وهي:

(وفصل بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه، وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ: ومتى ارتبط المعنى بالسجع كانت إفادة السجع كإفادة غيره، ومتى ارتبط المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتجنيس الكلام دون تصحيح المعنى)

ثم زعمت أن هذه العبارة لا تستقيم مع رأي الباقلاني المتقدم، وأنه لا بد أن يكون قد وقع فيها تداخل عند طبع الأصل أو عند النسخ استغلق به المعنى على القارئ مما لم يفطن إليه الدكتور (فدل بذلك على تقصيره في فحص الكلام وتقليبه أو على قصوره في الفهم والتفكير الخ. . .)

والواقع أنه لا تداخل في العبارة ولا استغلاق في معناها الواضح كل الوضوح، فهي تعني أن الكلام الوارد على هيئة السجع على نوعين: أحدهما كلام منتظم في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه. فلا مناص من إيراد اللفظ الوارد على هيئة السجع، لأنه لا بد منه لإفادة هذا المعنى، ولا يمكن أن يحل غيره محله في إفادته، ويصبح المعنى في هذه الحالة مرتبطا بذلك كارتباط معاني غيره من الألفاظ التي لم ترد على هيئة السجع بهذه الألفاظ. فتكون إفادته كإفادتها، أي أنه لا يكون مستجلبا لغرض آخر غير إفادة المعنى. النوع الثاني كلام يكون معناه منتظما بغير اللفظ الوارد فيه على هيئة السجع، فلا يكون هذا المعنى مرتبطا بهذا اللفظ، لأنه يمكن الاستعاضة عنه بلفظ آخر يفيد هذا المعنى أيضاً، وعلى ذلك يكون الإتيان في هذه الحالة بخصوص اللفظ الوارد على هيئة السجع قد قصد به إلى غرض آخر غير إفادة المعنى، ألا وهو تجنيس الكلام. والنوع الثاني هو السجع الحقيقي، والنوع الأول - وهو وحده الوارد في القرآن على ما يرى الباقلاني - ليس بسجع حقيقي وإن جاء على هيئته

ومعنى العبارة على الوجه المتقدم هو المستقيم تماماً مع رأي الباقلاني السابق في تعريف

<<  <  ج:
ص:  >  >>