وأكثر في شعره شكواه من تأخير كتب (فوز) والرد على رسائله، وله في ذلك مذهب لطيف يفيض رقة وجمالا:
أيا من لا يجيب إذا كتبنا ... ولا هو يبتدينا بالكتاب
أما في حق حرمتنا لديكم ... وحق إخائنا رد الجواب؟!
وقوله في قصيدة ثانية:
وكنت إذا كتبت إليك أشكو ... ظلمت وقلت ليس له جواب!
فعشت أقوت نفسي بالأماني ... أقول لكل جامحة غياب
وأن الود ليس بكاد يبقى ... إذا كثر التجني والعتاب
خفضت لمن يلوذ بكم جناحي ... وتلقوني كأنكم غضاب
وللمؤرخين وسائر أئمة الأدب العربي القديم آراء حسنة في هذا الشاعر المجيد، فقد سئل (الأصمعي) عن أحسن ما يحفظ للمحدثين فقال. قول العباس بن الأحنف:
لو كنت عاتبة لسكن روعتي ... أملي رضاك وزرت غير مراقب
لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صد الملول خلاف صد العاتب
وكان (الواثق) يتمثل بقوله:
عدل من الله أبكاني وأضحكا ... فالحمد لله عدل كل ما صنعا
وقال (احمد بن إبراهيم) رأيت (سلمة بن عاصم) ومعه شعر العباس وقلت: مثلك - أعزك الله - يحمل هذا فقال ألا أحمل شعر الذي يقول:
أسأت إذ أحسنت ظني بكم ... والحزم سوء الظن بالناس
يقلقني الشوق فآتيكم ... والقلب مملوء من اليأس
وقال (الواثق) ذات يوم لجلسائه: أريد أن أصنع شعرا معناه أن الإنسان كائن من كان لا يستطيع الاحتراس من عدوه فهل تعرفون؟ فأنشدوه ضروبا من الشعر فقال: ما جئتم بشيء مثل قول العباس:
قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي
وقال (ابن المعتز): لو قيل لي ما أحسن شيء تعرفه لقلت قول العباس إذ يقول: