قد سحّب الناس أذيال الظنون بنا ... وقسم الناس فينا قولهم فرقا
فكاذب قد رمي بالحب غيركم ... وصادق ليس يدري إنه صدقا
وكان (الرشيد) يعجب بشعره ويستأنس لحديثه، وصادف مرة أن خرج إلى (خراسان) فأمر بخروج العباس في موكب الخلافة، وطال مقامه في خراسان وشخص منها إلى (أرمينيا) والعباس معه، فهزه الشوق إلى (بغداد) وطن صبواته، فاعترض أمير المؤمنين وأنشده:
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ... ثم القفول فقد جئنا خراسانا
ما أقدر الله أن يدني - على شحط - سكان (دجلة) من سكان (جيحانا)؟!
ليت الذي نتمنى عند خلوتنا ... إذا خلا خلوة يوماً تمنانا؟
فأذن له (الرشيد) بالرجوع
ومات العباس بن الأحنف، وإبراهيم الموصلي، والكسائي في يوم واحد. فرفع ذلك إلى الرشيد فأذن للمأمون أن يصلي عليهم بالناس فبدأ بالصلاة على العباس ولما انتهت مراسيم الدفن تقدم من المأمون أحد رجال حاشيته واستخبره عن سبب ذلك. فقال المأمون:
كيف لا أبدأ بالصلاة عليه وهو الذي يقول:
سمّاك لي قوم وقالوا إنها ... لهي التي تشقى بها وتكابد
فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم ... إني ليعجبني المحب الجاحد
وكانت وفاته سنة (١٩٢هـ) وكان له من العمر (٦٠) سنة ودفن في بغداد.