يدوس قلبه في سبيل الغرض الأكبر - تحرير الوطن - أما حين يكون الأمر أمر انتقام جزئي فهنا يغلب الحب، فيحفظ حياة الأميرة!
وفي اللحظة الأخيرة - وقد تمت هزيمة الرعاة - يحاول الملك الشاب أن يستأثر بالأسيرة الآسرة. ولكن وا أسفاه: إن أباها يقومها بثلاثين ألفا من الرهائن المصريين. وإن الملك ليحبها، ولكن ثلاثين ألف رأس ثمن كبير. وأنها لتحبه، ولكنها تعلم أن أباها الصحراوي لن يجيبه إلى يدها، وهو عدوه المبين. لقد ذهبت ليبقى الفرعون الظافر يذكرها في يأس وحنين. ويحس إنه خسر المعركة وهو أعظم المنتصرين
ذلك هيكل القصة. ولكن القصص ليست هيكلها العام. فأين العمل الفني فيها؟
إن العمل الفني هو الذي لا يمكن تلخيصه. وقيمته في هذه القصة لا تقل عن قيمتها القومية. وهذا هو المهم. فقد يحاول الكاتب إثارة العواطف القومية وينجح، ولكنه ينسى السمات الفنية، فيحرم عمله الطابع الذي يسلكه في سجل الفنون
إن كل شخصية من الشخصيات في هذه القصة لهي شخصية إنسانية وشخصية مصرية في آن. وإن كل موقف من مواقفها لهو الموقف الطبيعي الذي ينتظر من الآدميين المصريين. وإن السياق الفني لهو السياق الذي يلحظ الدقة الفنية بجانب الهدف القومي، بلا مغالطة ولا ضجة ولا بريق.
لم يحاول المؤلف أن يقلل من شجاعة الرعاة، ولا مميزاتهم النفسية. ولم يحاول كذلك أن يستر مواطن الضعف المصرية
وهي مواطن ضعف إنسانية - لم يجعل أبطال مصر أشخاصا أسطوريين، ولم يجعل المصريين شعباً من الملائكة ولا من الشياطيين، ولكن بعد تهيئة وتمهيد
لهذا كله تسير الحياة سيرة طبيعية في القصة، وتنبعث المشاهد شاخصة. لشد ما شعرت بالحقد الملتهب على الرعاة وحكامهم وقضاتهم، وهم يجلدون المصريين ويحقرونهم ويدعونهم استهزاء الفلاحين (ويبدو أن هذا اللقب هو الذي يتشدق به دائما أولئك الأجانب المغتصبون في جميع العصور، من الرعاة إلى الرومان إلى العرب إلى الترك إلى الأوربيين. وإن كان هؤلاء الفلاحون أشرف وأعرق من الجميع)، لشد ما شعرت بالقلق واللهفة على مصير الجيش المصري في عدده القليل أمام أعدائه المتفوقين. لشد ما خفق