(في الفلسفة الغيبية أو الميتافيزيقية، كان قدماء فلاسفة الهنود يذهبون إلى أن التغيير والكثرة والسببية ليست حقيقة، وأن لا حقيقة إلا موجود واحد هو الله، وهذا المبدأ ينكر الموجودات إلا وجود الله والقائلون به هم المثاليون الصوفيون أما قدماء اليونان ففلاسفتهم أنكروا مثل الهنود، وجود الكائنات، وقالوا إن الوجود واحد غير متغير وسرمدي، ولم يصرحوا باتحاد هذا الوجود بالله، ودون الميل إلى الصوفية، فكانوا مثاليين أو تصوريين صرف. ومثل هذا المذهب قالت به الأفلاطونية الجديدة وظهر في فلسفة سبينوزا وفي فلسفة الإطلاق لهيكل وفي فلسفة الغيبية الساعية في جمع المادة والروح في وحدة عالية، فضلا عن الوحدة التصورية المثالية هناك الوحدية المادية المدعية أن لا وجود إلا لحقيقة واحدة وهي المادة سواء أكانت هذه المادة الأولى مجموع ذرات أم سديماً صدر عنه الكون
(الوحدوية) ليست هي (التوحيد) أو الإقرار بوجود إله واحد، وإنكار تعدد الآلهة أو الوثنية، وإنما تطلق على (الوحدة الحلولية) القائلة بأن لا تمييز بين الله والكون، سواء قيل أن الله حال في الكون حلول الجزء في الكل، أو قيل أن لا وجود إلا لله وما الكون إلا ظهور الله أو تجليه، وهذا ما ينافي التوحيد ' أي وجود الله ووجود الخلائق المتميزة عنه. التوحيد لا ينكر أن الله ظاهر بخلائقه، ولكنه ينكر أن لا وجود للخلائق. التوحيد ثنائي أي يقبل بوجود الله ووجود الكائنات متميزة عنه. إن الله متميز عن الكون ومستقل بذاته، والكون متميز عن الله لكنه غير مستقل عنه، التوحيد يقول أن العالم قد خلقه الله من العدم، وهذا أيضاً مذهب فلاسفة اليونان كسقراط وأرسطو وأفلاطون. أما غيرهم من أهل الوحدية فيذهبون إلى أن أصل العالم المادة، وأن هذه المادة القديمة صدرت عنها الموجودات، وهكذا يخلطون بين العلة المادية والعلة الفاعلة السببية)
أما بعد، فهذا ما كتبه عالم له في ميدان الفلسفة باع طويل فما قول الدكتور زكي مبارك بعد ذلك؟