إسماعيل باشا مديراً للفيوم، ولكنه عاد فألغى هذا الأمر قبل سفره. وبعد نحو سنة رجع بأمر الخديو المذكور إلى بعض المناصب التي كان بها بالوجه القبلي. وخلع الخديو وتولى بعده محمد توفيق باشا، وقامت الثورة العرابية وطالب العرابيون الخديو بإعادة مجلس النواب، وكان أهمل شأنه بعد توليته فأجابهم لذلك وألف مجلس النواب، فجعل المترجم رئيساً له لما يعلمه من إخلاصه ومحبته له؛ ثم وقعت بينه وبين العرابيين وأمراء الجند منازعات وخلاف في بعض الأمور ظهر لهم منها ميله للخديو فأبغضوه ونووا له السوء.
عرابي يهدده بالقتل
وقام عليه مرة عرابي وبعض الضباط في داره، فهددوه بالقتل، وجردوا سيوفهم في وجهه، وكاد يقع في أيديهم، لولا أنهم تراجعوا عنه من تلقاء أنسهم، واشتد قلقه بعد هذه الحادثة ورأى حياته معهم على خطر، فاحتاط لنفسه، وصار إذا جلس بداره وضع بجانبه مسدساً محشواً ليدافع به عن نفسه إذا فوجئ، ولم يغن تهديهم له شيئاً، ولم يجد في تحويله عن الخديو، بل استمر علة إخلاصه، والقيام بمساعدته، والأخذ بناصره. ثم اشتدت الفتنة، وسافر الخديو إلى الإسكندرية، فصحبه المترجم ملازماً خدمته، واستدعاه هناك درويش باشا مندوب السلطان في شعبان سنة ١٢٩٩، وأنبأه بإنعام السلطان عليه برتبة رومللي بيكلريكي، وأعطاه تقليدها بيده.
مع الإنجليز
ثم قامت الحرب على ساق، بين الإنكليز والعرابيين، فندبه الخديو لمساعدة الإنكليز، وإرشادهم إلى الطرق، فبذل ما في وسعه وكاتب بعض مشايخ العرب والعمد، ومن لهم شأن، يمنيهم بالخلع والرتب والأوسمة، على أن يبذلوا الطاعة للخديو والإنكليز وينبذوا طاعة العرابيين، فنجح في مسعاه ووافقه الكثيرون، فانضموا للخديو وشيعته سراً، ووقع الفشل في زمرة العرابيين، وانهزمت جموعهم، واستولى الإنكليز على مصر ودخلوا القاهرة يوم الخميس مستهل ذي القعدة سنة ١٢٩٩، فأرسله الخديو إليها نائباً عنه، وأطلق يده في التصرف في الأعمال، فوصلها في ٢ ذي القعدة ليلاً من الطريق بور سعيد، واستبد بالأمور أربعة أيام حتى حضر النظار إليها، وباشروا أعمالهم. وقد تاه المترجم وتجبر في