هذه الأيام الأربعة، وأمر بالقبض على كثيرين ممن كان له بغية في القبض عليهم وإذلالهم، ومنهم حسين باشا الشريعي، فإنه أوغر صدر الخديو عليه، وأشار بسجنه، ونسي له سابق فضله عليه، وذلك لخلف وقع بينهما إبان قيام الفتنة.
بعد الثورة العرابية
ولما حضر الخديو من الإسكندرية عقب إطفاء الثورة وذهب الناس لتهنئته بقصر الجزيرة يوم الثلاثاء ١٣ ذي القعدة المذكور أثنى أمامهم على المترجم ثناء كثيراً وقال هذا هو الرجل الذي أخلص لنا في السر والعلانية، وأنعم عليه بالوسام المجيدي الأول، وأمر بإحضاره فوضعه على صدره بيده أمامهم، ثم سعى له عند النظار للإنعام عليه بعشرة آلاف دينار مصري مكافأة على خدمته ومسعاه، فأعطيت له من ديوان المالية. وكافأه الإنجليز بوسام (سان جورج، وسان ميشيل) من الدرجة الأولى لمساعدته لجندهم إبان الحرب، وذهب به السير مالت قنصلهم الكبير إلى داره وسلمه له يوم الثلاثاء ١٧ محرم سنة ١٣٠٠هـ، وقال له إن من شروط هذا الوسام أن تضعه مولاتنا الملكة بيدها على صدر من تنعم عليه به، وقد أتيت إليكم نائباً عنها في وضعه على صدركم جزاء إخلاصكم وولائكم لجلالتها ولحضرة الخديو. ثم في جمادى الأولى من هذه السنة أنعموا عليه أيضاً بالميدالية الإنجليزية المضروبة بخصوص الحرب العرابية.
وبقي المترجم بعد ذلك في داره بالقاهرة بلا عمل، ملقباً بلقب رئيس مجلس النواب، ثم انتدب للإشراف على شواطئ النيل وجروفه بالوجه القبلي لما زاد في الفيضان، فصدع بالأمر على كره منه، ورأى ذلك حطاً من مقامه، واستقل العشرة الآلاف والوسامين على ما قام به للخديو والإنكليز، وانعكست آماله التي كانت ترمي إلى تنصيبه في منصب كبير، وفترت نفسه، وكثرت همومه، وانحرف عن الإنكليز، وطفق يذمهم بعد أن كان لهجاً بمدحهم والثناء عليهم في كل مجلس يجلسه، واعتزل الناس فجعل إقامته بالصعيد، ولما ذهب اللورد دوفرين إلى تلك الجهة زاره المترجم فلم يلق منه ما كان يؤمله من حسن المقابلة، وسأله في عرض حديثه عن حضور أخوي الخديو حسين باشا وحسن باشا من أوربة، فقال له نعم حضرا، فقال ولم حضرا، فأعرض عنه اللورد ولم يجبه، ونقل حديثه مع غيره، فقام المترجم من المجلس كاظماً غيظه، وزاد في ذمه في الإنكليز، وأثرت هذه