ثم صدر الأمر العالي يوم الأربعاء ٢١ محرم سنة ١٣٠١ بجعله رئيساً لمجلس شورى القوانين الذي ألف حينذاك، بدلاً من مجلس النواب، حسب إشارة اللورد دوفرين في تقريره عن مصر، فتولى هذا المنصب وهو عليل، ثم ازدادت علته، فأشار عليه الأطباء بالسفر إلى أوربة للمعالجة، حيث لم تفده معالجة أطباء مصر، فسافر إلى بلاد النمسة، ونزل بنزل في مدينة غراتس، فوافاه أجله هناك يوم الاثنين ٢٦ شوال سنة ١٣٠١.
وفاته
ونعي إلى الخديو في ذلك اليوم بالبرق، نعاه له قليني باشا فهمي فأسف عليه أسفاً شديداً وجزع، وأمر بنقل جثته إلى القطر المصري لتدفن فيه، وأقام له مأتماً من الخاصة الخديوية، وناط بمحافظة القاهرة القيام به بالنيابة عنه. ووصلت جثة المترجم إلى الإسكندرية يوم الأربعاء ٦ ذي القعدة من السنة المذكورة فأمر الخديو بتشيعها تشييعاً كبيراً بالإسكندرية، فسارت في طليعة الجنازة كتيبة من فرسان الشرطة، ثم كتيبة من الجند الرجالة منكسي الأسلحة، يتلوهم قراء الأحزاب والبردة، ثم جميع كبار الموظفين بالإسكندرية، فتلاميذ المدارس، فجم غفير من الأعيان حتى أوصلوا النعش إلى السكة الحديد، فجعلوه في قطار مخصوص سافر به من هناك إلى منية ابن الخصيب، ونقل منها إلى الشاطئ الشرقي حيث دفن بمقبرة بلده. وخلف المترجم ثروة واسعة، وولداً واحداً عمره نحو سنتين، وثلاث بنات. وقد رثاه الشيخ علي الليثي بقصيدة.
أدبه
وكان للمترجم إلمام بالأدب وقرض الشعر، اشتهر عنه نظم النوع المسمى بالصعيد بالواو، وأخبرني من أثق بقوله أنه اطلع على قصيدة له في مدح حسن باشا الشريعي رحمهما الله.
وحدثني صديقنا على رفاعة باشا، ابن رفاعة بك الشهير قال: كانت بيني وبين المترجم وحشة ازدادت لما جعلت وكيلاً للمعارف إبان الثورة العرابية، ثم عزلت من هذا المنصب بعيد الثورة، وقصدت السفر إلى بلدتي طهطا، فلقيته بالقطار، فلما وقعت عينه على عيني