للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكانوا في كل عام يرصدون مبلغا لإنشاء الضريح، ولا ينفذ العمل، حتى جاء عام ١٩٣٩، إذ خصص ١٥٠٠٠ ليرة سورية في موازنة الحكومة السورية (فصل ٧ مادة ١ فقرة ٤) وتقرر البدء بالعمل، وكان ذلك يوم الأحد في ١٨ تشرين الثاني ٩٣٩ عيدا أهليا عند سكان المعرة الذين احتفلوا بنفس الوقت احتفالا شائقا بإنشاء شركة كهربائية أهلية مساهمة، وشركة مياه إذ أنارت الكهرباء بلدتهم لأول مرة، وجرت المياه النقية إلى قسم من دورهم

وكان المظنون أن الأمور أخيراً سوف تسير سيراً حسناً لولا أن اندلاع الحرب جعل مواد البناء من أسمنت وحديد مرتفعة الثمن ارتفاعا فاحشا. كذلك صارت اليد العاملة تطلب أجورا فاحشة، فاستنكف الملتزم عن البناء، وقامت الحكومة بعد أخذ ورد بنقل الالتزام إلى رجل آخر مع وضع اعتمادات مالية إضافية تتصاعد حسب ارتفاع الأسعار، وقد انتهى العمل في أوائل هذا العام

والضريح في وضعه الحالي عبارة عن فسحة دار مزروعة بالرياحين يدخل إليها من أروقة محيطة بها من الغرب والشمال، وفي صدر هذه الدار قبر أبي العلاء موضوع تحت إيوان جميل، وخلف القبر مسجد يدخل إليه من بابين على طرفي القبر، ومكتبة على جانب المسجد للغرب، وخلف المسجد حديقة صغيرة محفوظ بها الحجارة الأثرية التي وجدت حول القبر

وقد سبق أن قامت بلدية معرة النعمان بشق وتخطيط شارع كبير من شرقي البلدة إلى غربها بحيث جعلته يمر مباشرة أمام ضريحه، وقد عبدته وجعلت الأرصفة على جانبيه حتى صار من الشوارع اللائقة بمدينة كبيرة، واسمه شارع أبي العلاء، كما خصصت البلدية قطعة أرض مناسبة في مدخل البلدة لإقامة نصب تذكاري فيها لأبي العلاء

وقام أهالي المعرة بنصيب طريف من هذا التمجيد، فأسموا فندق أبي العلاء ومطعم أبي العلاء، وهم يملئون القلل بالماء ليلة الجمعة ويضعونها طوال تلك الليلة بجوار قبره ليشربها في اليوم التالي من بلد ذهنه من صبيان المدارس اعتقاداً منهم أن الذهن يصفو من بلادته بهذا الماء، وهم يقسمون بالمعري كما يقسمون بمقام النبي يوشع الموجود عندهم ويتعصبون له، ولا شاعر عندهم أو فيلسوف سباق للمعري في شاعريته أو حكمته، وهم أول من يسوق لك الدليل على ذلك من أشعاره وآثاره

<<  <  ج:
ص:  >  >>