للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإيفاد بعوث أزهرية إلى الخارج عاد أكثر أفرادها إلى مصر بعد انتهاء دراستهم وانتظموا في سلك أساتذة الأزهر. لكن عدد هؤلاء من القلة بحيث لا يفي بإحداث هذا التغير الجوهري في طرائق التعليم، وقد وقفت ظروف الحرب الحاضرة إيفاد البعثات للخارج، كما فتر حماس الأزهر للاستعانة بأساتذة الجامعة الذين كان في مقدورهم حقاً المساهمة في التوجيه الدراسي المنشود، ويؤسفني أن أقرر أن معظم من بقي به للآن من الأساتذة غير الأزهريين هم من تلاميذ المدرسة القديمة الذين لا يختلفون كثيراً عن جمهرة شيوخ الأزهر الحاليين من حيث الصلاحية للتوجيه الأكاديمي

وإذا كان لي بمناسبة ما أبديته من الملاحظات المتقدمة على دراسات (الأستاذية) الأزهرية أن أنبه إلى ما أعتقده كفيلاً بالإصلاح الممكن في الظروف الحاضرة، فإنني أتوجه إلى المسؤولين في الأزهر والغيورين على نهضته بالمقترحين التاليين:

١ - العودة إلى الاستعانة - في نطاق واسع - بكبار الأساتذة الذين إليهم يرجع الفضل في توجيه سياسة التعليم الجامعي في مصر إلى الوضع الذي استقرت عليه الآن، وبخاصة من جمعوا في ثقافاتهم بين الدراسات الأزهرية وغيرها، سواء منهم من بقوا في الجامعة حتى الآن ومن خرجوا منها، دون ما نظر إلى الاعتبارات الأجنبية عن التعليم والتي وقفت حتى الآن عقبة في سبيل الاستعانة بهؤلاء الأفاضل الذين يستطيعون وحدهم الاضطلاع بوضع حجر الأساس للتطور المنشود

٢ - الاستعاضة مؤقتاً عن البعثات الأزهرية الخارجية غير الميسورة الآن ببعثات داخلية توفد إلى كليتي الآداب والحقوق بجامعتي فؤاد وفاروق، ولهذا سابقة حاولها الأستاذ المصلح الكبير السنهوري بك لترقية تدريس الشريعة في كلية الحقوق بجامعة فؤاد في عهد عمادته لهذه الكلية، وكانت فكرة جليلة لم تمهله الظروف السياسية - مع الأسف - حتى يستطيع تنفيذها، فلا مانع الآن من الأخذ بها في نطاق واسع لصالح الأزهر وثقافته

وقبل أن أختتم هذه الكلمة أوجه النظر إلى ما سبق أن نهبت إليه في كلمتي الأولى من وجوب قيام الأزهر بطبع الممتاز من وسائل الأستاذية على نفقته مع الأخذ بنظام تبادل الرسائل مع الجامعات الأخرى، لأن في ذلك شحذاً للهمم، وإذاعة لمجهودات الأزهريين، وتقريباً نافعاً بين ثقافتهم وأنواع الثقافات الأخرى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>