للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ذلك على غير هدى لعدم وقوفه على أصول هذه الطريقة، فيبدو تقسيماً غير منطقي يقدم فيه ما حقه التأخير ويؤخر ما حقه التقديم وتوضع بعض عناصر البحث في غير المكان المناسب من أقسامه مما يشيع فيه الفوضى والاضطراب والتكرار أحياناً، فيشوه العرض ويعوق الإفادة منه ويصد عنها

والطرائق الحديثة في التبويب والتقسيم تقضي بالبدء بوضع خطة للبحث تقررها وحدته وكيانه المستقل بعد اتضاحه في ذهن الباحث، ويراعي فيها التأليف بين عناصره المتشاكلة لدرجها تحت أقسام رئيسية قليلة العدد، ثم يتدرج من ذلك إلى تبويب كل من هذه الأقسام، ثم إلى تفصيل الأبواب، فالتمييز بين المباحث المختلفة فيها، وتفريع كل من هذه المباحث إلى فروع، والتمييز بين النقط التي يشتمل عليها كل فرع وهكذا بحسب تشعب موضوعات البحث حتى يعرض في ثوب قشيب نسج على أساس منطقي متماسك البنيان متسق الحلقات يروق القارئ ويساعده على الإحاطة بأطرافه والوقوف على الفكرة أو الفكر الرئيسية التي يقصد الباحث إلى إبرازها. أما الفهارس في المصنفات الحديثة، فيراعى فيها التعدد بحيث تشتمل على ثبت للموضوعات بحسب ترتيب ورودها في البحث، وآخر لها بحسب ترتيبها الأبجدي، وثالث للمراجع، ورابع للأعلام، وخامس لأسماء البلدان وهكذا بحسب ما يشتمل عليه البحث ويتطلبه تيسير المراجعة

ولاتباع الطرائق الحديثة أهمية خاصة في موضوعات الدراسات الأزهرية التي تعتمد على مراجع عتيقة كتبت بأساليب القرون الخالية، ومن حق الناس على الأزهريين أن ينتظروا منهم - على الأقل - إفراغ هذه الموضوعات في قوالب جديدة تناسب عقلية الجيل الحاضر وتتفق وطرائق تفكيره

ولكن من ذا عساه أن يوجه شباب الأزهر التوجيه الذي يهيئهم لأداء هذه الرسالة؟ إن الطلاب لا يستطيعون الاهتداء بأنفسهم إلى طرائق البحث والعرض الحديثة، ولا مندوحة لهم من الاعتماد على أساتذتهم في الأخذ بأيديهم في هذا السبيل. وهنا نواجه من جديد مشكلة الأزهر العتيدة بل مشكلة الإصلاح العامة حيثما بدت الحاجة إلى الإصلاح في معاهد التعليم، وأعني بها مشكلة المدرس أو الأستاذ. وقد حاول الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي في مشيخته الأولى علاج هذه الناحية يندب عدد كبير من أساتذة الجامعة للتدريس في الأزهر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>