وكذلك ادعى الأستاذ في مسائل أُخرى تحتاج إلى البيان أو يحتاج إليها الاستدلال: أنها معروفة ذكرها حشو وتزيد كأن كل مستدل يلزمه أن يحذف المقدمات المعروفة، ويأتي بدعواه منكرة يعوزها الدليل. أليس الاستدلال يا سعادة الأستاذ هو الاستعانة بالمعروف على معرفة المجهول
لم أستطع والله أن أنسى وأنا أقرا هذا الكلام وشبهه قصة جحا المشهورة، إذ صعد المنبر فقال: أتعرفون ما سأقول؟ - إلى آخر القصة التي يمنعني من ذكرها أنها معروفة يعد ذكرها حشواً وتزيداً
وقلت إن من مزايا الخط العربي أن السامع يستطيع أن يكتب به ما يسمع دون عناء. ولا كذلك الخطوط اللاتينية؛ فإن سامع الكلمة من بعض لغاتها لا يستطيع أن يضبط كتابتها بالسماع، ولابد له أن يراها مكتوبة أو يعلم كتابتها، ومقصدي أن أبين مزية من مزايا الخط العربي واللغة العربية، وموضوعي هو تبين المزايا والعيوب.
فقال الأستاذ:(إن حضرة المحاضر في هذه القطعة ينسى نفسه تماماً. . . إن أحداً لم يشك لحضرة المحاضر ولا لغير حضرة المحاضر من أن الكاتب بالعربية لا يستطيع أن يكتب ما يسمعه. ما شكا أحد هذا إليه قط، لأن أحداً - حتى ولا عطية كاتب الزراعة الجهول - لا يكاد يخطئ في رص حروف النغمات بعضها تلو بعض على الترتيب الذي يسمعه). إلى أن ذكر الأستاذ أن هذه الكتابة التي تسهل على السامع بشكل على القارئ قراءتها الخ. فهل إشكال القراءة وهو مسألة أُخرى ينفى هذه المزية، مزية السهولة واليسر على الكاتبين. أقول الكتابة العربية سهلة على الكاتب. فيقول الأستاذ: لا تقل هذا فإنها صعبة على القارئ. فهل هذا جدل يساير (أدب البحث والمناظرة). ومن الذي نفسه في هذا الجدال.
وقد رأيت - وهو رأي لم أسبق إليه، وإن عده الأستاذ معروفا عند الناس أو في غير الموضوع - أن حذف حروف الحركات من الكلمة ملائم للغات السامية، والعربية خاصة. ورددت هذا إلى اشتقاق هذه اللغات، والتفريق بين الأصول والزوائد فيها. وقلت لو كتبت الحركات أثناء الكلمات لاضطرب اصل الكلمة، وبان في صور مختلفة، وضربت مثلا مادة كتب وقلت لو كتبنا:(كاتابا يا كتوبو، في الماكتابي، كيتابن). بدل: (كتب، يكتب، في