للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أأطلال هذه أم ظلال! وجنادل وصفاح أو أوهام وأشباح! أهذه أعمدة لمعبد القارعات أو كاهناته الراقصات! أنهاري هذا الطالع المشرق أم نهارهم! أبقايا ظلام مخزون هذا الذي أراه جاثما في حجرات أسرارهم أو ظلام جديد!

أهذه النسمات التي تمسح وجوهنا الآن خفقات رياح القرن العشرين بعد الميلاد، أو رياح القرن الأربعين قبل الميلاد! أنحن أرواح بائدة تجول في خلال هذه الأطلال أم نحن فلان وفلان وفلان من أبناء هذا الزمان؟ أقصائد مرسلة هذه الأطلال أم حجارة ميتة جامدة!

ألا بقية حياة تحدثنا بصوت حي بين الرجام؟!

ألا تعست الأحلام وخابت الظنون! فبين اليوم وأمس جدار بحجم دورة الشمس في عرض السماء! فما بالك بما بيننا وبين هاتيك الأيام من دورات!

لماذا هذا التعلق بالبقاء يا أبناء الفناء؟ لماذا تولهون قلوب الأحفاد أيها الأجداد؟ لماذا تعمقون الإحساس بالزمن؟ امضوا من غير أن تتركوا صوى وأعلاما على الطريق، حتى لا يراع بعدكم أحد، من طول المدى بين الأزل والأبد!

وإنه ليخبل عقلك ويشرد لبك أن تبحث عن عمار هذه الهياكل الذين كانوا! وأن تضع قدميك على مواطئ أقدامهم، ويديك على ملامس أيديهم، وعينيك على مواقع أنظارهم!

وإنك لتحس لذع السخرية يصبها الزمن على حسك ووعيك حين تحين منك التفاتة إلى وجه الشمس من خلال ظلل المعبد؛ فتراها لا تزال كما رآها أجدادك جديدة الوجه عنيفة الشباب مصقولة المرآة قوية الضحوة، وكأنها بنت يومك أنت ولدت في صبحه وبكرته!

وانك لتوشك من فرط التخييل أن تنادي الأفراد المغمورين المملوكيين والسادة المالكين والكهنة حاضني الأسرار ليجيبك صدى صوتك مردوداً إليك باليأس والعجز بعد أن تتلقفه الزوايا والأبهاء وتعوي به التماثيل الصماء!

أكذلك أطبق ظلام الموت وظلام الأرض على أشخاص الأحياء فغابوا فيه ثم بقيت أعمالهم في محيط الجوامد الخوالد؟!

أكانوا أمواج ماء اضطرب به سطح الأرض فأرغوا وأزبدوا وهدروا، حتى وصلوا إلى شاطئ الموت فانسلحوا وفنوا بأصدافهم وقواقعهم وزبدهم وغثائهم!

أذهبوا وبقيت أحجارهم خالدة؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>