اللدنية. على أن الأمر أيسر من أن يخفى وراءه أحداً. أنك تريد أن تقول إنه ليس في الوجود فضاء، فلا مكان لله إلا المكان الذي يشغله العالم!؟ وعلى هذا فالله حال في العالم. وإذن فأنت تؤمن، مع إيمانك بوحدة الوجود، بالحلول الذي ينافي الإسلام الصحيح
يا آخي:
قبل أن نبعد. . . أصارحك أنني لا أقبل الدنية في ديني، ومن الدنية في الدين أن ألف معك إذا لففت، وإن أداورك إذا داورت. لنكن صرحاء إذن. فمن ورائنا ألوف القراء من المسلمين ومن غير المسلمين يرتقبون أن تنكشف هذه الغمة التي لم أفر من ميدانها حينما طلبت إلى أن أساجلك فيها، ولم أطلب أنا منك شيئاً قط قبل أن تبدأ أنت بطلب هذه المساجلة، في أمر أنت أول من يشهد بين يدي ربك أنه باطل، لأنك أقمت على ذلك الحجة التي لا تدفع في كتابك القيم الذي كان سبب هذا الشر، ولن يصدقك أحد اليوم إن تصيدت المعاذير عن نقضك لهذه النظرية بمثل الحجة الفارغة التي جئت بها في كلمتك الظريفة في العدد الماضي، والتي تدعي فيها أن (البحث العلمي الذي ارتضيته لنفسك يوجب أن تدرس كل نظرية من جميع الجوانب مع التحرر من رأيك الخاص، حرصاً على تثقيف قرائك). فليس هذا بعذر! لأنك لم تتبع تلك الطريقة في أي كتاب من كتبك، لأنك أقمت الدنيا وأقعدتها بكتابك عن الغزالي لأنك أعلنت فيه عن (رأيك الخاص) الذي كان الإجماع منعقداً ضده ومع ذلك فقد انتصرت! هذا، وقد ألممت، بالرغم من ذلك بكل النظريات التي سبقت إليها عن الأخلاق عند الغزالي، وأرجوك أن تعود إلى كتابك الثمين هذا فتقرأه إن كنت قد أنسيت ما فيه
ثم أنت قد أتيت في كتابك عن النثر الفني - هذا الكتاب القيم أيضاً، الذي أشدت لك ألف مرة بقيمته، بالرغم من البقع الكبيرة التي فيه، بنظريتك العجيبة التي لا يقرك عليها أحد في إعجاز القرآن بمعانيه لا بأسلوبه. وهذه النظرية هي بلا شك رأيك الخاص الذي جئت اليوم تزعم أنك تخفيه وتتحرر منه في دراستك لأي نظرية من جوانبها المتنوعة. . . وأعود فأرجوك أن تعود إلى كتابك الثمين هذا فتقرأه إن كنت قد أنسيته
ثم أنت أيضاً في كتابك عن التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق لم تكن مقراً للنظريات التي سبقك إليها الناس، وإلا ما استحققت قط أن تمنحك الجامعة درجة الشرف في الفلسفة.