للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسراتها وأنواع ملاهيها وفلسفتهم في الوجود ومختلف العواطف والأحاسيس التي كانت تجول بنفوسهم، ومثلهم العليا في الأخلاق والذوق، وأي صفات البطولة كان لها سلطان قوي على النفوس، وكان لها نصيب كبير من الإعجاب، فالأدب كما يقولون مرآة تنعكس عليها روح الشعب وحياته

٤ - عصور الأدب

وقد اعتاد مؤرخو الآداب أن يقسموا الأدب إلى عصور مختلفة، ولم يلجئوا إلى ذلك لسهولة الدرس فحسب، ومن قبيل تقسيم الموضوع المتشعب إلى أبواب وفصول، ولكن هناك ما يبرر هذا التقسيم، فالعصر التاريخي عبارة عن فترة زمنية يسود فيها نوع من الذوق العام، وعلى ذلك فأن أدب ذلك العصر يتسم بصفات خاصة من حيث المادة والفكرة والأسلوب. وقد تختلف آثار الكتاب البارزين بقدر ما تختلف شخصياتهم، ولكن تلك الصفات العامة تظهر فيهم أجمعين، ولا ينتهي عصر ويخلفه آخر، إلا بعد تغير حاسم في الذوق العام.

ولكننا يجب أن لا نضع الحواجز المتينة بين عصر وعصر، فليس تاريخ الإنسان أبواباً وفصولاً، ولكنه تيار واحد متدفق يتعرج حينا ذات اليمين وحيناً ذات اليسار، وليس له بداية معينة ولا نهاية محدودة، والعصور التاريخية في الواقع آخذ بعضها بتلابيب بعض، وقد يبدأ الرحل عمله في عصر من العصور ولا ينتهي منه إلا في عصر آخر، كالمخضرمين بين الجاهلية والإسلام، وكبشار وابن المقفع بين العصر الأموي والعصر العباسي. وقد عاش دريدن وملتون في زمن واحد، ولم يعمر أولهما بعد الآخر إلا سنوات قلائل، ومع ذلك فقد أعتاد مؤرخو الأدب الإنجليزي أن يضعوهما على رأس عصرين متتابعين يعرفان بعصر (دريدن) وعصر (ملتون). ومع ذلك فإن لتقسيم الأدب إلى عصور أهميته الدراسية لأنه يوجه أنظارنا إلى المراحل التي اجتازها الأدب وتميز في كل مرحلة منها بميزة خاصة، وهو أهم ما يعنى به مؤرخ الآداب.

وللمؤرخ أن يطلق على هذه العصور أسماء يشتقها من التاريخ ورجاله كعصر اليزابيث، وعصر فكتوريا، وعصر المأمون. ولكن الأجدر بنا أن نسمي تلك العصور بأسماء مشتقة من الأدب نفسه ونطلق عليها أسماء مشاهير الكتاب الذين يمثلونها فنقول عصر شكسبير وعصر ملتون وعصر المتنبي. وعصر الجاحظ. . الخ ليسهل على الطالب أن يدرك

<<  <  ج:
ص:  >  >>