للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حياة مضاعفة

لست أحيا حياتي وحدي. . . وإنما أشعر أني أحياها ومعها حيوات جميع الكائنات التي أدركتها بالفكر والقلب!

وتظهر قيمة رحب النفس الإنسانية من مثل هذا الشعور.

إن الإنسان إذا اتصل بالكون اتصالاً وثيقاً كان حرياً أن يقذف الله مفيض الحياة على قلبه فيوضاً من كل منبع من منابع الوجود التي يتعرف إليها بفكره وقلبه!

الحياة بالحس وحده

يلذ لي أن أعيش حيناً بالحس وحده في فراش دافئ وثير في صبح يوم من أيام الشتاء جامد الفكر والجوارح لا أكاد أحرك في فكري وجسدي قوة! حين أتلقى من الحياة فيضاً من فيوض الشعور بالجسد!. . . حينئذ أستقبل الحياة بأنفاسي وحدها آخذها شهيقاً وأرسلها زفيراً في رتابة واسترخاء. . .

وقد يدور في خلدي حينئذ طائف من الأفكار المختزنة أجترها في هدوء كما تجتر الأنعام الجاثمة على العشب الطعام المختزن في كسل واسترخاء واستغراق واستقبال لموجات فيض الحياة من منبعها الخفي غافلة عما يدور في الكون. . .

حينئذ يحلو لي أن أتسمع إلى أنفاسي تتردد بين الجو وصدري، وأن أتسمع إلى نبضات قلبي التي تختلج وتهتز لها كل خلية في جسدي وتنقضي بها لمعة من لمعات روحي. . .

حينئذ أشعر بحنان غامر يغمر أعضائي وآلاتي العاملة في دءوب وقوة وصبر منذ أن دارت دورتها الأولى مع نسمة الحياة التي نفخها فيها نافخ النسمات، فابتدأت تدور طائعة مع جماعات الأحياء التي ترقص برعشات الحياة!

الحياة بالفكر وحده

وفي كثر من الأحيان أشعر بخفة في جسمي كأني لا أحمله ولا صلة لي به إلا إذا تحسسته بيدي. . . وحينئذ قد أشعر أنني صوت أو نظر أو سمع لا أكثر

يعتريني هذا الشعور غالباً حين أكون في الظلام في مهب نسيم رفيق. . .

ترى، هل يكون إحساسنا بالكون بعد انسلاخ أرواحنا من أجسامنا هكذا؟ فنصير كائنات

<<  <  ج:
ص:  >  >>